عصر جوسون

 

امتد عصر جوسون بين عامي 1392- 1897م، وهو يشير الى المملكة الكورية التي تأسست عام 1392م بعد سقوط مملكة كوريو على يد الملك تايجو لتستمر ما يزيد عن الخمسة قرون.

حيث تحولت في العام 1897م إلى إمبراطورية كوريا التي كان يقودها حينذاك الملك كوجونك.
يعتبر عصر جوسون آخر عصر للممالك الكورية التي اتخذت من تعاليم كونفوشيوس كنظام للمجتمع والحكم، معتمدة على نظام الحكم الملكي المطلق.

شهدت مملكة جوسون عبر تاريخها مراحل من القوة وأخرى من الضعف والصراعات الداخلية والخارجية، لكنها بالمحصلة تركت إرث عظيم للكوريين، من مواقف اجتماعية، وأعراف ثقافية، وأدبيات كورية حديثة، علماً أن هذا العصر شهد على ولادة اللغة الكورية (الهانغول).

انطلاق عصر جوسون:
واجهت مملكة كوريو بالسنوات الأخيرة من القرن الرابع عشر الكثير من المشاكل الداخلية والتركيز المفرط للسلطة، كما شهدت على المشاكل الخارجية عبر الغزوات المتكررة التي يشنها اليابانيون وما تسمى قبائل العمامة الحمراء.

استطاع الجنرال "لي سونج غاي" هزيمة القوات اليابانية وقبائل العمامة الحمراء، وحظي بشعبية جارفة لدى الكوريين، فقام بعزل ملك كوريو وطرده، لتتأسس المملكة الجديدة في العام 1392م.

قام الجنرال لي سونج غاي بتنصيب الملك تايجو على المملكة، ليكون أول الملوك في عصر جوسون، ولتكون مدينة "هان يانج" المعروفة حالياً باسم سيؤول عاصمة لمملكته حديثة الولادة.

بعد وفاة الملك تايجو استلم الحكم ابنه الملك تايجونج، والذي كان صاحب الإسهام الأكبر في وضع أسس الدولة، وترسيخ نظامها الملكي.

وبعد ترسيخ الحكم في عهد الملك تايجونج جاء ولده الملك سيجونج الذي يعتبر عهده افتتاح لذروة الازدهار الاجتماعي والسياسي والثقافي في عصر جوسون.

اختراع الأبجدية الكورية (هانجول):
بعد أن استخدم الكوريون الحروف الصينية منذ التاريخ القديم، وجد الملك سيجونج أن الحاجة ماسة لوجود لغة خاصة بالكوريين، يمكنهم استخدامها بسهولة والتعبير عن أنفسهم بحرية أكبر.

ليأتي اختراع الأبجدية الكورية (هانجول) في العام 1443م، والتي أصبحت اللغة الرسمية في المملكة بعد ذلك بثلاث سنوات، وقد ساهم هذا الاختراع في تحسين التواصل بين الحكومات المتعاقبة والشعب، كما أنها لعبت دوراً رئيسياً بتحقيق تقدم ثقافي كبير في جوسون.

التطور في مختلف المجالات:
شهد عصر جوسون تطور في الكثير من المجالات أبرزها التطور التقني والعلمي، فتمّ اختراع آلة فلكية سميت "هون تشون أوي"، ومزولة شمسية تدعى "آنج بو إيل جو"، بالإضافة إلى ساعة مائية أطلق عليها "جا جيونج نو".

ومن الأدوات التي اخترعت في مملكة جوسون، أدوات لرسم الخرائط وقياس الأراضي، واخترع أول مقياس لقياس كميات هطول الأمطار في العالم بهذه المملكة التي انتجت بناءً على التقويم الصيني "حساب لحركات المحددات السماوية السبع).

ومن جهة أخرى فقد تطور الطب في البلاد، واستخدمت طرق جديدة في العلاج، وتمّ إيجاد الكثير من الأدوية التي لم تعرف سابقاً.

وبالإضافة إلى كل ذلك فقد شهد عصر جوسون على تطوير تقنيات الطباعة المعدنية للحروف، الأمر الذي ساهم بفعالية بنشر عدد كبير من الكتب.

لم تكن العلوم وحدها التي تطورت في مملكة جوسون، فقد تطورت الحرف اليدوية كذلك وبشكل خاص الأواني الخزفية الفخارية التي وصلت إلى أشكال وأنواع في قمة الروعة والجمال.

الحروب والعلاقات الخارجية:
كان لمملكة جوسون منذ تأسيسها علاقات جيدة مع عائلة مينج في الصين، وتبادلا الزيارات الرسمية، وكان بينهما علاقات اقتصادية وثقافية قوية.

كما ان العلاقة في البداية كانت جيدة مع اليابان، وفتحت جوسون موانئ لليابانيين ووقعت المملكتان اتفاقيات تبادل تجاري، كما وقعت معاهدات مع بلدان أخرى مثل جاوة وسيام.

ولكن العلاقات الجيدة لم تستمر فقد واجهت جوسون غزو اليابان لها في العام 1592م، بسبب مطالب اليابان الحصول على حصة أكبر من التجارة.

استمرت الحروب بين المملكتين لسنوات طويلة على مدى القرنين الـ16 و17، وقد سيطرت اليابان وتشينك على مناطق من شبه الجزيرة الكورية، ليتسم عصر جوسون في تلك الفترة بالانعزالية الكبيرة.

بعد انتهاء تلك الحروب عاشت المملكة فترة طويلة من السلام قاربت القرنين من الزمن.

نهاية عصر جوسون:
بالرغم من استعادة مملكة جوسون بعض قوتها خلال فترة انعزالها إلا أنها عانت من صراعات شديدة على السلطة، واضطرابات داخلية شديدة، مع ضغط دولي وتمردات في مختلف أنحاء المملكة التي عانت في سنواتها الأخيرة من ضعف شديد.

في العام 1896م هرب الملك كوجونك وولي عهده سنجوك إلى السفارة الروسية، لتعلن الحماية الروسية على مملكة جوسون، وبعد ذلك تمّ عقد اتفاق بين روسيا واليابان، عاد بموجبه الملك كوجونك إلى قصره، وسميت المملكة "داي هان" وأعلن الملك نفسه امبراطوراً منهياً عصر جوسون الذي استمر لخمسة قرون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

محتويات الموضوع