مرحباً إخواني، سأتطرق في هذا المقال إلى الحديث عن سلاح، نعم سلاح لكن ليس كالأسلحة التي خطرت في بالك لا بل سلاح من نوع آخر أكثر فتكا يحمل اسم البروباغاندا .. هذا السلاح الذي يعيش معك ولا تدري أنت ذلك .
إذا فما هو هذا السلاح ؟ وما هي أنواعه؟
وما تجلياته ؟ ومن يصنعه؟
وما أساليبه أو تقنياته ؟ ثم كيف لمجتمعٍ ما أن يحاربه ؟ .
البروباغاندا هي كلمة لاتينية تعني نشر المعلومات المضللة ، وتختلف التعريفات عنها لكنها تتفق في كونها استخدام تكتيكات دعائية معينة لتغيير النفس العام للجمهور المستهدف عبر توجيهه لتبني قضية ما في غياب سبب منطقي ملموس يعزز هذه القناعة المولدة بصنع مشاعر وعواطف عند هذا الجمهور تدفعه لهذه القناعة دون علمه بذلك.
جوزيف غوبلز وزير الدعاية النازية الألماني "1897 - 1945 " يعرف البروباغندا على أنها استخدام معلومات ذات طبيعة منحازة أو مضللة من اجل الترويج لقضية سياسية أو وجهة نظر.
في سنة 1916 كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحت قيادة الرئيس "وودرو ويلسون"، لم تكن لدى الشعب الأمريكي أي رغبة أو قناعة لدخول أي حرب ، وأعني هنا الحرب العالمية الأولى ، على عكس الإدارة الأمريكية التي كانت ملتزمة بمواقف سياسية تجاه حلفاءها الأوربيين ، فكان لابد من فعل شيء لتغيير رأي وتوجه الشعب الأمريكي ودفعه لقبول دخول الحرب ، وهكذا أنشئت لجنة للدعاية الحكومية تحمل اسم "لجنة كريل" استطاعت خلال زمن قياسي أن تغير آراء المواطنين وتحولهم من أناس مسالمين إلى وحوش كاسرة متعطشة للدماء الألمانية.
بعد هذا النجاح في التكتيك الإعلامي توسلت الإدارة نفس المسار لإثارة الجزع من التمدد الشيوعي بالعالم ، وكان هذا الأخير قد قضى على حرية الصحافة و حرية الرأي و الفكر السياسي و قضى أيضاً على الحركات النقابية وجند جميع الطاقات قسرا للدعاية والتحريض ضد الرأسمالية ، مما تسبب بقلق بالغ للإدارة الأمريكية ، ولم يكن أمام الإدارة سوى شن دعاية إعلامية مضادة لهذه التوجهات السوفيتية الخطيرة والتي يمكن أن تسبب مفاجئات غير متوقعة.
وقد وظفت البروباغاندا أيضاً في حرب "ستالينغراد" بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي السابق ، في الواقع كانت موسكو ستخسر الحرب ، وكان ستالين يقضي أيامه في شرب الفودكا وهو يائس تماما من النصر ، لكن حدث فجأة ما قلب الموازين لصالح السوفييت ففازوا بالحرب ، لكن كيف؟ .. عبر الإعلام والدعاية الموجهة ، حينما حولوا "فاسيلي زايتسيف" وهو جندي مغمور وقناص لا يملك من الحنكة إلا الشيء القليل إلى بطل قومي جبار وجسور يستطيع قتل 5 جنود في أقل من 3 ثواني. وهكذا ساهم العامل النفسي في تغيير تفكير الجنود الروس ورفع معنوياتهم المنهارة ، تبين لهم بأن الجندي الألماني ليس خارقا أو يستحيل هزيمته كما كانت تروج الدعاية النازية ، وهكذا أخذ الجنود السوفييت يقاتلون حتى آخر رمق بلا خوفٍ أو وجل.
وقد استخدمت البروباغاندا على مر التاريخ ، في الحروب الصليبية و الحركة البروتستانتية و مجابهتها من طرف الكنيسة ، وكذلك في العالم الإسلامي و استخدمت على الدوام ضد الخصوم الدينيين و السياسيين.
والبروباغاندا نوعان : النوع الأول حينما يكتشف المستهدف أن هناك محاولة للتأثير عليه من قبل جهات معلنة عن أهدافها و قناعاتها ، هذا ما يسمى "بالبروباغاندا البيضاء " ، أما النوع الثاني فهو عندما يتعرض المستهدف للبروباغاندا من قبل جهات تكون أهدافها و قناعاتها و مصادرها خفية مضمرة و نادراً ما يعي ويكتشف أن هناك محاولة للتأثير عليهم وهذا ما يسمى "بالبروباغاندا السوداء" . لكن في الغالب تكون البروباغاندا الموظفة مزيج بين الاثنين بخطة كاملة متكاملة تخاطب الوعي و العقل و اللاوعي و الغريزة في نفس الوقت.
و البروباغاندا تصنعها كل الجهات السياسية و العسكرية و النقابية و الأحزاب ... ، كل هؤلاء يصنعونها لأنهم يتحكمون في وسائل الإعلام (الإنترنيت - التلفاز) .
ولا تعتمد البروباغاندا على أسلوب أو تقنية بل تتعدد منها : تقنية "صرف الانتباه و الإلهاء" وهي تقنية أساسية و حاسمة لتحقيق التحكم و السيطرة على المجتمعات ، وتتمركز حول تحويل انتباه الرأي العام من القضايا الجوهرية المتمثلة في ما يطرأ على قرارات النخب السياسية و الاقتصادية وتفعل بشكل دائم أساليب التسلية و اللهو و كل ما هو تافه لا قيمة له في الوقت التي تقف بالمرصاد أمام محاولة الناس التركيز على المعارف الأساسية بكل مجالاتها.
ليس هذا فقط بل هناك تقنية أخرى تسمى "بالأزمة و الحل" تتمحور حول خلق السلطة لأزمات ثم بعد ذلك تقديم حلول لمحاربتها ، و تمر هذه التقنية عبر 3 مراحل هي:
أولا : خلق المشكلة
ثانياً : مراقبة ردة الفعل
ثالثاً : تقديم الحل
تخلق السلطة المشكلة من أجل أن تثير ردة فعل تساعد السلطة على معرفة ماذا يملكه الشعب من حدة في ردة فعله وكيف سيتعامل مع الأهداف التي خططت السلطة لتنفيذها.
وتسيطر السلطة على وعي الناس عبر إبقائهم منغمسين في الجهل و تشجعهم على استحسان رداءة الجو العام الاجتماعي و السياسي و الإقتصادي لدرجة أن يرضى الفرد على حال البلد و أوضاعه وهذا مرتبط بعمق معرفة السلطة لنا أكثر مما نعرف أنفسنا ، كما توظف السلطة إيديولوجية معينة في التعليم لكي تتحكم في معرفة الشعب .
وفي سياق الحديث هنالك نقطة مهمة تتمثل في كون السلطة السياسية تكره أي تغيير مفاجئ في أرض الواقع دون أن تكون مجريةً له أي حساب و دون أن تحكم سيطرتها عليه بمعنى آخر أن يحدث حدث ما وبسرعة يصبح في صدارة الوقائع و الأحداث.
لكي يحارب مجتمع ما البروباغاندا و يحقق غاياته بعيداً عن غايات صناع البروباغاندا لابد أن يحدد 3 أشياء:
أولاً ؛ الوضع الحالي
ثانياً ؛ الوضع في المستقبل المرغوب فيه
ثالثاً ؛ كيف يمكن أن ينتقل من الوضع الحالي إلى الوضع المستقبلي
هذا من جهة ومن جهة أخرى عليه أن يتعلم التفكير و الاستنتاج السليم الذي يحمي من التلاعب بالوعي حيث وفي هذا السياق يقول الفيلسوف "نيتشه" : ( يكمن التقدم الأعظم الذي أحرزه الإنسان في كونه يتعلم الاستنتاج الصحيح ) ، هذا يدل على أن الإستنتاج السليم شيء مركزي و جوهري لمحاربة البروباغاندا.
لكن كل هذه الخطوات تبقى نسبية لأن موضوع محاربة البروباغاندا موضوع عميق و معقد شغل بال العديد من الكتاب و الفلاسفة على مر التاريخ.
إذا فما هو هذا السلاح ؟ وما هي أنواعه؟
وما تجلياته ؟ ومن يصنعه؟
وما أساليبه أو تقنياته ؟ ثم كيف لمجتمعٍ ما أن يحاربه ؟ .
البروباغاندا هي كلمة لاتينية تعني نشر المعلومات المضللة ، وتختلف التعريفات عنها لكنها تتفق في كونها استخدام تكتيكات دعائية معينة لتغيير النفس العام للجمهور المستهدف عبر توجيهه لتبني قضية ما في غياب سبب منطقي ملموس يعزز هذه القناعة المولدة بصنع مشاعر وعواطف عند هذا الجمهور تدفعه لهذه القناعة دون علمه بذلك.
جوزيف غوبلز وزير الدعاية النازية الألماني "1897 - 1945 " يعرف البروباغندا على أنها استخدام معلومات ذات طبيعة منحازة أو مضللة من اجل الترويج لقضية سياسية أو وجهة نظر.
في سنة 1916 كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحت قيادة الرئيس "وودرو ويلسون"، لم تكن لدى الشعب الأمريكي أي رغبة أو قناعة لدخول أي حرب ، وأعني هنا الحرب العالمية الأولى ، على عكس الإدارة الأمريكية التي كانت ملتزمة بمواقف سياسية تجاه حلفاءها الأوربيين ، فكان لابد من فعل شيء لتغيير رأي وتوجه الشعب الأمريكي ودفعه لقبول دخول الحرب ، وهكذا أنشئت لجنة للدعاية الحكومية تحمل اسم "لجنة كريل" استطاعت خلال زمن قياسي أن تغير آراء المواطنين وتحولهم من أناس مسالمين إلى وحوش كاسرة متعطشة للدماء الألمانية.
بعد هذا النجاح في التكتيك الإعلامي توسلت الإدارة نفس المسار لإثارة الجزع من التمدد الشيوعي بالعالم ، وكان هذا الأخير قد قضى على حرية الصحافة و حرية الرأي و الفكر السياسي و قضى أيضاً على الحركات النقابية وجند جميع الطاقات قسرا للدعاية والتحريض ضد الرأسمالية ، مما تسبب بقلق بالغ للإدارة الأمريكية ، ولم يكن أمام الإدارة سوى شن دعاية إعلامية مضادة لهذه التوجهات السوفيتية الخطيرة والتي يمكن أن تسبب مفاجئات غير متوقعة.
وقد وظفت البروباغاندا أيضاً في حرب "ستالينغراد" بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي السابق ، في الواقع كانت موسكو ستخسر الحرب ، وكان ستالين يقضي أيامه في شرب الفودكا وهو يائس تماما من النصر ، لكن حدث فجأة ما قلب الموازين لصالح السوفييت ففازوا بالحرب ، لكن كيف؟ .. عبر الإعلام والدعاية الموجهة ، حينما حولوا "فاسيلي زايتسيف" وهو جندي مغمور وقناص لا يملك من الحنكة إلا الشيء القليل إلى بطل قومي جبار وجسور يستطيع قتل 5 جنود في أقل من 3 ثواني. وهكذا ساهم العامل النفسي في تغيير تفكير الجنود الروس ورفع معنوياتهم المنهارة ، تبين لهم بأن الجندي الألماني ليس خارقا أو يستحيل هزيمته كما كانت تروج الدعاية النازية ، وهكذا أخذ الجنود السوفييت يقاتلون حتى آخر رمق بلا خوفٍ أو وجل.
وقد استخدمت البروباغاندا على مر التاريخ ، في الحروب الصليبية و الحركة البروتستانتية و مجابهتها من طرف الكنيسة ، وكذلك في العالم الإسلامي و استخدمت على الدوام ضد الخصوم الدينيين و السياسيين.
والبروباغاندا نوعان : النوع الأول حينما يكتشف المستهدف أن هناك محاولة للتأثير عليه من قبل جهات معلنة عن أهدافها و قناعاتها ، هذا ما يسمى "بالبروباغاندا البيضاء " ، أما النوع الثاني فهو عندما يتعرض المستهدف للبروباغاندا من قبل جهات تكون أهدافها و قناعاتها و مصادرها خفية مضمرة و نادراً ما يعي ويكتشف أن هناك محاولة للتأثير عليهم وهذا ما يسمى "بالبروباغاندا السوداء" . لكن في الغالب تكون البروباغاندا الموظفة مزيج بين الاثنين بخطة كاملة متكاملة تخاطب الوعي و العقل و اللاوعي و الغريزة في نفس الوقت.
و البروباغاندا تصنعها كل الجهات السياسية و العسكرية و النقابية و الأحزاب ... ، كل هؤلاء يصنعونها لأنهم يتحكمون في وسائل الإعلام (الإنترنيت - التلفاز) .
ولا تعتمد البروباغاندا على أسلوب أو تقنية بل تتعدد منها : تقنية "صرف الانتباه و الإلهاء" وهي تقنية أساسية و حاسمة لتحقيق التحكم و السيطرة على المجتمعات ، وتتمركز حول تحويل انتباه الرأي العام من القضايا الجوهرية المتمثلة في ما يطرأ على قرارات النخب السياسية و الاقتصادية وتفعل بشكل دائم أساليب التسلية و اللهو و كل ما هو تافه لا قيمة له في الوقت التي تقف بالمرصاد أمام محاولة الناس التركيز على المعارف الأساسية بكل مجالاتها.
ليس هذا فقط بل هناك تقنية أخرى تسمى "بالأزمة و الحل" تتمحور حول خلق السلطة لأزمات ثم بعد ذلك تقديم حلول لمحاربتها ، و تمر هذه التقنية عبر 3 مراحل هي:
أولا : خلق المشكلة
ثانياً : مراقبة ردة الفعل
ثالثاً : تقديم الحل
تخلق السلطة المشكلة من أجل أن تثير ردة فعل تساعد السلطة على معرفة ماذا يملكه الشعب من حدة في ردة فعله وكيف سيتعامل مع الأهداف التي خططت السلطة لتنفيذها.
وتسيطر السلطة على وعي الناس عبر إبقائهم منغمسين في الجهل و تشجعهم على استحسان رداءة الجو العام الاجتماعي و السياسي و الإقتصادي لدرجة أن يرضى الفرد على حال البلد و أوضاعه وهذا مرتبط بعمق معرفة السلطة لنا أكثر مما نعرف أنفسنا ، كما توظف السلطة إيديولوجية معينة في التعليم لكي تتحكم في معرفة الشعب .
وفي سياق الحديث هنالك نقطة مهمة تتمثل في كون السلطة السياسية تكره أي تغيير مفاجئ في أرض الواقع دون أن تكون مجريةً له أي حساب و دون أن تحكم سيطرتها عليه بمعنى آخر أن يحدث حدث ما وبسرعة يصبح في صدارة الوقائع و الأحداث.
لكي يحارب مجتمع ما البروباغاندا و يحقق غاياته بعيداً عن غايات صناع البروباغاندا لابد أن يحدد 3 أشياء:
أولاً ؛ الوضع الحالي
ثانياً ؛ الوضع في المستقبل المرغوب فيه
ثالثاً ؛ كيف يمكن أن ينتقل من الوضع الحالي إلى الوضع المستقبلي
هذا من جهة ومن جهة أخرى عليه أن يتعلم التفكير و الاستنتاج السليم الذي يحمي من التلاعب بالوعي حيث وفي هذا السياق يقول الفيلسوف "نيتشه" : ( يكمن التقدم الأعظم الذي أحرزه الإنسان في كونه يتعلم الاستنتاج الصحيح ) ، هذا يدل على أن الإستنتاج السليم شيء مركزي و جوهري لمحاربة البروباغاندا.
لكن كل هذه الخطوات تبقى نسبية لأن موضوع محاربة البروباغاندا موضوع عميق و معقد شغل بال العديد من الكتاب و الفلاسفة على مر التاريخ.