قصة أسوء كارثة بحرية فى التاريخ

يعتقد الناس أن أسوأ كارثة بحرية هي غرق تايتنك بسبب عدد ضحاياها البالغ 1500 ولكن ضمن أسرار التاريخ هناك كارثة سفينة هي الأسوأ في التاريخ فقد بلغ عدد ضحاياها اكثر من 9000 ومع ذلك ظلّت مخفية في صفحات التاريخ، لماذا؟

‏بحلول يناير من عام 1945 أثناء الحرب العالمية الثانية بدأت المانيا عملية خاصة أسمها عملية هانيبل، والهدف منها الإجلاء البحري لجنود الجيش النازي والمدنيين من أراضي شرق أوروبا الى المانيا عن طريق السفن في بحر البلطيق وذلك بسبب تقدم الجيش الأحمر في شرق أوروبا وزحفه غرباً لبرلين.

‏وتهدف عملية هانبيل للإجلاء البحري الى تمركز الجيش النازي في المانيا وإبعاد المدنيين عن خطوط المواجهة مع الجيش الاحمر.

من بين السفن التي أُستخدمت في هذه العملية هي سفينة Welhem Gustloff غادرت السفينة ميناء Gotenhafen في بولندا الساعة 12:30 ظهرًا في 30 يناير 1945.

‏بالرغم ان عدد غرفها يكفي ل 1600 شخص فقط إلا أنه صعد على متنها في ذلك اليوم مايقارب 10600 راكب معظمهم من المدنيين ( العدد الحقيقي غير معروف ولكنه اكثر من 10000 شخص حسب ماورد في عدة مصادر ) إضافة إلى المدنيين في السفينة كان هناك بعض الجنود الجرحى وبعض الضباط في الجيش النازي.

‏أبحر مع تلك السفينة مركبين بحريين مزودة بقذائف نسف للسفن والغواصات Torpedo، كما كان بها اسلحة مضادة للطائرات وذلك لحماية السفينة.

10 ساعات قبل الكارثة 

  • حصل عطل ميكانيكي في أحد المركبين المرافقة للسفينة والتي تحمل قذائف نسف السفن والغواصات.
  • اضطر المركب البحري للعودة للميناء.
  • ‏اصبحت السفينة محمية بمركب بحري واحد.

7 ساعات قبل الكارثة 

  • أصبحت درجة الحرارة الخارجية -10 درجات مئوية.


5 ساعات قبل الكارثة

  • أصبحت مضادات الطائرات في السفينة والقذائف لنسف السفن والغواصات في المركب البحري لاتعمل.
  • وذلك بسبب تجمدّها فقد اصبحت درجة الحرارة -18 درجة مئوية.
  • ‏كان ذلك متزامناً مع غروب الشمس واصبحت السفينة غير مرئية سوى بالرادار.


ساعتين قبل الكارثة 

  • أصبحت السفينة برفقة غواصة تحت البحر بدون ان يشعر بها أحد من طاقم السفينة.
  • تلك الغواصة هي S-13 التابعة للجيش الاحمر ( دول التحالف ) تحت أمرة الكابتن Alexander Mariniesko.

‏ولكنه لم يجرؤ على تسديد اي ضربة عليها


30 دقيقة قبل الكارثة

  • وصلت رسالة غامضة لغرفة القيادة في السفينة، تلقّاها الكابتن Friedrich Petersen كانت تلك الرسالة مصيرية للسفينة مفادها أن هناك مجموعة من سفن كاسحات الألغام الألمانية في بحر البلطيق.
  • ‏ردة الفعل الطبيعية هي ان يقوم الكابتن بأشعال أضواء السفينة حتى لا يحدث تصادم بينها وكاسحات الألغام.
  • وهذا ما فعله الكابتن Friedrich Petersen


5 دقائق قبل الكارثة 

صعدت الغواصة S-13 الى سطح الماء وأمعن الكابتن Alexander Mariniesko النظر على السفينة المضيئة بمنظاره لمدة ٥ دقائق.

‏وبعدها حصلت الكارثة حيث سدد اربع قذائف للسفينة في مناطق حسّاسة بها كانت كفيلة بأغراقها في قاع البحر في أقل من 40 دقيقة.


كان المشهد مأساوي ويصعب وصفه

حاولت قوارب النجاة الألمانية القادمة من الموانئ القريبة بالاسراع للوصول لمكان الحادثة بعد تلقيهم نداء الاستغاثة من السفينة.

ولكن، مع ذلك لم يتم إنقاذ الا مايقارب 1000 ومات اكثر من 9000 شخص من نساء واطفال وكبار السن في تلك الحادثة ( العدد تقريبي ).

لم يجرؤ كابتن غواصة S-13 من تسديد اي ضربة للسفينة لأنها كانت مظلمة فلم يكن يعلم إذا كانت تحمل شعار مستشفى.

وهذا الشعار يعني ان السفينة تقوم بنقل الجنود المصابين وإجلاء للمدنيين من نساء واطفال وتسديد قذائف على سفينة تحمل ذلك الشعار هو أمر محظور بموجب القانون الدولي ويعتبر جريمة حرب.

مثال على ذلك سفينة بريتانيك الشقيقة الصغرى لسفينة تايتنك، فقد خدمت للبحرية البريطانية، وذلك اثناء الحرب العالمية الثانية

وكان عليها شعار مستشفى ولم تُصب بأي قذيفة من غواصات دول المحور أثناء الحرب، إلا انها تعطلت عن الخدمة بسبب اصطدامها بِلُغُم بحري.

لذلك إضاءة سفينة Welhem Gustloff كان أمراً مهم لكابتن الغواصة S-13 للتأكد من عدم وجود شعار مستشفى بها.


‏السؤال لماذا لم يضع الألمان شعار مستشفى على السفينة؟

  • الحقيقة لا أعلم الإجابة بالتحديد ولم أجدها في المصادر بالرغم من أن السفينة في الاساس لم تكن سفينة حربية.
  • بالنسبة للكابتن Friedrich Petersen الذي أشعل الإضاءة في السفينة المنكوبة فقد نجا من تلك الكارثة، واتضح عند وصوله لبرلين أن الرسالة بشأن السفن الالمانية الكاسحة للالغام والتي على اثرها اضاء السفينة كانت كاذبة ومضللة.
  • تمت محاكمة الكابتن وصدر بحقه حُكْم الإعدام لاعتباره خائن.
  • والسبب في ذلك هو ان تلك الرسالة لم ترسلها أو تلتقطها او حتى تسمعها أي محطة في بحرية الجيش النازي. مما يعني أن تلك الرسالة لا وجود لها في الأساس، فإما أن يكون الكابتن كاذب فعلاً واصطنع سيناريو الرسالة التضليلية أو انه صادق.

ولكن هل يوجد تفسير يُثبت صدقه بالرغم ان الرسالة لم تصدر أو تلتقطها أي محطة اخرى في البحرية النازية؟

‏إلى الان الاجابة غير معروفة ولكن لا أستبعد أطلاقاً انه تم استخدام جهاز Delilah والذي ابتكره البريطاني Alan Turning ( له باع طويل منذ عام 1940 في انشاء الاجهزة التي تفك شفرات رموز Enegma التي يستخدمها الجيش النازي في التواصل اللاسلكي أثناء الحرب ) ‏يستطيع الجهاز إنشاء خط اتصال وارسال رسالة لمستقبل محدد ولا تستطيع اجهزة الرادار الاخرى التقاط تلك الرسالة.

كان ذلك الجهاز الوحيد الذي يمتلك تلك الخاصية في ذلك الوقت ولم يكن معروف لبقية الدول من المحتمل أنه تم استخدام ذلك الجهاز من البحرية البريطانية لتضليل السفينة ‏وذلك بأرسال رسالة بوجود سفن كاسحات ألغام المانية بدون أن يلتقط تلك الرسالة أي محطة في البحرية النازية والهدف هو إلزامها بتشغيل الاضاءة حتى تكون هدف واضح لقوى التحالف جهاز Delilah دخل في الخدمة لإستخبارات الجيش البريطاني في يناير 1945 وهو الوقت الذي حصلت فيه تلك الكارثة.

حتى وان كان هذا السيناريو صحيحاً فإنه لايمكن إثباته على البحرية البريطانية إلا إذا أقرّت به، وهذا لن يحدث.

لأنه لا أحد يرغب ان تكون له صلة أمام العالم في كارثة سفينة راح ضحيتها الالاف من الابرياء حتى ولو بطريقة غير مباشرة.

‏لم يرغب مستشار هتلر الاعلامي والمسؤول عن نشر الاخبار والاشاعات Goebbels chose من نشر خبر تلك الكارثة حتى لا يزيد من احباط الشعب.

إضافة الى عدم رغبة دول التحالف بنشر خبر تلك الكارثة المأساوية.

لذلك انطوت تلك الكارثة بين صفحات التاريخ المظلم ولم ينتشر خبرها للناس.

بالنسبة لكابتن غواصة S-13، فبالرغم انه إتّبَع البرتوكول في مثل هذه العمليات وتأكد ان السفينة لا تحمل شعار مستشفى قبل تسديد ضربات عليها إلا انه تم إنزال رتبته إلى ملازم اول وبعدها بفترة تمت إقالته من بحرية الجيش الاحمر بشكل مُخزي.

‏استمرت عملية هانبيل الألمانية لنقل الجنود واجلاء المدنيين الالمان من اوروبا الشرقية بواسطة السفن في بحر البلطيق لمدة 3 شهور.

غرقت في تلك العملية 245 سفينة ألمانية و مجموع عدد الوفيات 33000 شخص

‏ما يقارب ثلث عدد الوفيات في تلك العملية كان نتيجة غرق سفينة واحدة فقط وهي Welhem Gustloff وبقية عدد الوفيات ( ثلثي المجموع ) كان نتيجة غرق 244 سفينة.

لذلك سيظل عدد الضحايا في تلك الكارثة هو الأسوأ في تاريخ الملاحة البحرية في عهد البشرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

محتويات الموضوع