دم المماليك (8).. حسام الدين لاجين.. الأمير الوغد والسلطان الصالح

القاهرة – 1296م

هو اللغز الحقيقي، تقرأ سيرته أميرا فتبغضه، وتطالع سيرته سلطانا فتحبه.. رجل عاش حياة الوغد المتآمر المتلاعب، وانتهى نهاية البطل المصلح الذي تم التآمر عليه.

هو حسام الدين لاجين، السلطان جرماني الأصل، وكم تتابعت على عرش مصر من أجناس تمصرت وصار تاريخ مصر هو تاريخها وتاريخها هو تاريخ مصر.

بدأ مملوكا صغيرا من مماليك السلطان علي بن أيبك، ثم ورثه المنصور قلاوون فيما ورث، وتدرج حتى صار نائب السلطان على بلاد الشام.. عرفه الأمراء رجلا سكيرا عربيدا ماجنا، لكنه أجاد فصل انحرافاته الشخصية عن عمله الرسمي، فعرفته الرعية واليا عادلا فأحبه الناس.. كان مزيجا غريبا متناقضا، عفيفا عن دماء العامة وأموالها، وبالعكس كان خائضا في دماء الأمراء والملوك مسارعا للتآمر عليهم، مبدلا ولاءه كسرعة تبدل الليل والنهار.. يحلف للسلطان سيف الدين قلاوون أيمان الولاء ثم يتآمر من بعده على ابنه السلطان الأشرف خليل بن قلاوون حتى يصل به تآمره لأن يوضع وتر الإعدام في حلقه تمهيدا لخنقه في حضرة السلطان.. ينتزعه القدر من براثن الموت ويعيده لمكانته، لكنه لا يحفظ الجميل لسلطانه، فيكون ممن يهوون عليه بسيوفهم مذيقا إياه الردى.. يفر مؤقتا ثم يعود لحضرة السلطان محمد بن قلاوون-أخو السلطان القتيل-ويجدد الولاء لآل قلاوون، ثم يحالف كتبغا -نائب السلطنة- ويخلع سيده الجديد ويمنح ولاءه لحليفه ويسجد بين يديه مقبلا الأرض مقدما علامات السمع والطاعة.

ثم ها هو يستغل سفر كتبغا لتفقُد بلاد الشام، فيتآمر عليه ويخلعه، لكنه لا يمنح الولاء لسيد جديد، فقد صار هو السيد، السلطان المنصور حسام الدين لاجين.. سلطان مصر والشام… فقط هذه المرة لا تصبح أيمان الولاء الغليظة ذاهبة لاتجاه واحد، بل يتبادل مع الأمراء قسما من جانبهم ألا يخرجوا عليه، ومن جانبه ألا يخالف رأيهم ولا يميز نفسه عنهم، وألا يؤمّر عليهم أيا من مماليكه.. لكن، كم تساوي في ميزان الواقع أيمان ولاء أمراء المماليك وسلاطينهم؟

السلطان الجديد سرعان ما يؤدي رقصة جديدة من رقصاته على أحبال السياسة، فيستغل تصديق الأمراء حلفانه المغلظ ويطيح بالمعارضين له منهم نفيا واعتقالا، ويرفع مملوكه -عشريني العمر المحبب إلى قلبه “منكوتُمُر”- نائبا للسلطان، بل وتتحدث الألسنة في أروقة قلعة الجبل بنية لاجين تنصيب مملوكه وربيبه وليا للعهد.. وبمساعدة نائبه الشاب يعيد تقسيم إقطاعات الدولة، فيستأثران بأكثرها ليحكما قبضتهما على الأمراء والجند من مصدر أموالهم ومنبع ثرواتهم.. يجدد البعض معارضتهم، فيعصف بهم السلطان، فيطأطيء بعضهم برأسه متفاديا العاصفة الهوجاء.

هنا فقط، يوقن السلطان لاجين ونائبه منكوتمر أن الأمر قد استتب لهما، لكنهما يغفلان عن ابتسامة ساخرة ماكرة من القدر.

……….                                    

هل هو إحساس الذنب أم هي رغبة التطهر؟ لعلها نية كنية إخوة يوسف الصدّيق حين قالوا إنهم بعد تخلصهم منه سيصبحون قوما صالحين.. أم هو التعقُل المتكسب بحكمة العمر قد أصاب رجلا بلغ الخمسين من عمره وأدرك أنه لن يعيش قدر ما عاشه وأن العمر أقصر من أن يستمر في انفاقه في عبث شخصي وسياسي؟

فبعد أن أحس لاجين بقوائم عرشه تستقر فوق الأرض التي طالما زلزلتها هزات الفتن والمؤامرات، سارع باتخاذ الاجراءات الإصلاحية لأجهزة الدولة ومؤسساتها، فأعاد لقضاة الشرع الشريف هيبتهم وحصّن أحكامهم من عبث أصحاب المصالح والمنتفعين، حتى لو كان من بينهم ربيبه وصديقه منكوتمر نفسه.

ومن ناحية أخرى سارع بإبطال الكثير من مظاهر البذخ الرسمي واقتصد في ملبسه وركوبه ومواكبه وما يصاحبها من مراسم وتشريفات.

وليكتمل استغراب خاصته، فقد راسل قيصر بيزنطة -وكان ابنا الظاهر بيبرس سلامش وخضر منفيين عنده- يطلب منه إرسالهما لاستقبالهما وآلهما بكل احترام وتعظيم.. كأنما يكفّر بهذا عن طول بطشه بأهل الحكم وتآمره عليهم.

وحتى الحجر عمه خيره، فلم ينس لمسجد أحمد بن طولون -وكان قد بقي مهجورا منذ 170 عاما- أنه كان الملجأ والمخبأ الذي احتمى به بعد اغتياله للأشرف خليل بن قلاوون، بينما مماليك هذا الأخير يبحثون عنه للاقتصاص منه لأستاذهم، فأعاد عمارته وتجميله وإعماره بالمصلين.

أما عن شخصه، فكأنما تبدل ليصبح إنسانا آخر، فقد أقلع فجأة عن معاقرة الخمر، وتقشف في ملبسه ونفقاته الخاصة، وسارع بإخراج الصدقات من حر ماله، فكأنما لم يعد هو لاجين الذي تتحاكى الطبقة الحاكمة بلهوه وانحرافاته.. وبعد أن كانت الأحاديث تدور عن مجالس لهوه وشرابه مع أعيان دمشق خلال سنوات ولايته على الشام، صارت تدور عن تقريبه الفقهاء والعلماء وأهل الصلاح والتقوى.

رضي عنه الناس، وصادف توليه الحكم انخفاضا شديدا في الأسعار وتوفرا للسلع وإدرارا للمطر، فتفاءلت به الرعية وأحبته ولهجت بالدعاء له.. وبقي يرفع المظالم عن العامة ويلغي المكوس والضرائب واحدة تلو الأخرى، وهو يكرر: “لو عشت لما أبقيت مكسا”.. فازداد الناس دعاءً له ورجاءً لطول حكمه.

لكن الأمراء كان لهم رأي آخر.

……….

القاهرة – يناير 1299م

“لم يكن هذا اتفاقنا معه!”

قالها الأمير سيف الدين طغجي -مقدم المماليك البرجية- وهو يثبت مشعلا في أحد أروقة القلعة.. التفت لرفيقه الأمير كرجي -مقدم المماليك السلطانية- مردفا: “أيمانه لنا ذهبت أدراج الرياح، لم يلتزمها إلا بقدر ما تتاح له الفرصة لتقليم أظافرنا، الآن لم يعد من بين من يعارضونه إلا أنا وأنت، والآخرون بين منف ومعتقل ومحتجز في بيته عاطلا.. جعل الكبير والصغير مطايا لذلك المأبون منكوتمر.. آه.. منكوتمر.. ملعون يوم جلب من بلاده وبيع على دكة المماليك في سوق النحس! لولاه لصار حال لاجين غير الحال.. ولصار الأمر لنا بعد مقتل خليل!”

عدل كرجي وضع الكلفتاه (عمامة مملوكة صغيرة) على رأسه، أراح ظهره على مقعده وأجاب: “المشكلة يا صديقي أن لا سبيل للتخلص من أحدهما وترك الآخر.”

جلس طغجي أمامه وسأله -رغم فهمه المغزى المبطن لقوله- “فما العمل إذن؟”

شرد كرجي مكملا -كأنما لم يسمع سؤال زميله- “رأس منكوتمر هي ما نبتغي، لكن التخلص منه لن يمر مر الكرام، فالسلطان سيغضب لنائبه ومن يعده في مكان الابن، وهو لا يقبل فيه قولا أو مراجعة فما بالك بأن يصيبه مصابا ولو على سبيل الحادث المدبر..  فخلف رأس منكوتمر ستطير رؤوس في مقدمتها رأسينا”

مال نحو طغجي وركز نظراته الحادة على عينيه مردفا: “فما المخرج من هذه الأحجية المعقدة؟”

بقي مقدم البرجية صامتا ينتظر أن يكمل محدثه حديثه.. والتقط هذا فهم الرجل ما يحمل سؤاله من إجابة جاهزة، فعاد للاسترخاء في جلسته وبقي صامتا قليلا، ثم قال: “لو أنني أعرف أن إطاحة منكوتمر ممكنة مع الإبقاء على لاجين لفعلتها منذ زمن.. لكن.. هذا ما جنى مولانا السلطان على نفسه.. وقديما قالوا إن ولد السوء يجلب لأهله اللعنة.. فلابد إذن مما لا بد منه.”

لم ينطق أيهما بعدها ببنت شفة، لكن نظرات تفاهمهما حملت الكثير.

……….

“كان الملك المنصور لاجين متزوجا من بنت الملك الظاهر بيبرس، وكانت ديّنة عفيفة، فحكت أنها رأت في المنام، ليلة الخميس قبل مقتل السلطان بليلة واحدة، كأن السلطان جالس في المكان الذي قُتِلَ (بعد ذلك) فيه، وكأن عدة غربان سود على أعلى المكان، وقد نزل منها غراب فضرب عمامة السلطان فرماها عن رأسه وهو يقول: “كرجي كرجي”، فلما ذكرت ذلك للسلطان قالت له: أقم الليلة عندنا، فقال السلطان:ما ثَمّ إلا ما قدّره الله “وخرج من عندها إلى القصر”.

النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة – ابن تغري بردي

………. 

القاهرة – يناير 1299م

انتهى السلطان لاجين من قراءة ما في الرقعة، ثم ألقاها جانبا ووقف صامتا يتطلع عبره إلى القاهرة النائمة.

قطع قاضي القضاة صمت السلطان بسؤاله: “أخبار من الشام؟”

التفت له لاجين ليجيبه، لكن أذان العشاء ارتفع، فجلس وهو يتمتم بالترجيع وراء المؤذن ثم أجاب: “بلى.. غازان خان المغول يستعد لدهم الديار الحلبية”

– “هي الحرب إذن”

– تنهد السلطان وقال: “لا مفر”

عبث ببعض القطع المتراصة على طاولة الشطرنج بينه وبين القاضي وتمتم بشرود: “أخشى ما أخشاه ألا يمتد بي العمر لمجاهدة غازان”

سارع قاضي القضاة يقول: “أطال الله بقاء مولانا”، فعلت شفتا لاجين ابتسامة بها من المرارة قناطير، وهو يقول في شرود: “يا شيخنا.. تعلم أن حديث “من قَتَلَ يُقتَل” صحيح”.

صمت القاضي حرجا وقد أدرك ما يعنيه سلطانه، إلا أن هذا نفض شروده سائلا إياه بنبرة بها من الاستجداء ما لا يُنكَر: “فهل للقاتل في قتله كفارة عمّا اقترف؟”

خفض الشيخ عيناه متمتما وقد ازداد حرجه: “إنا لله وإنا إليه راجعون”

تراجع السلطان في مقعده قائلا باستسلام: “لله الأمر من قبل ومن بعد.. هو أرحم الراحمين”.

……….

“واتفق أيضا أن في الليلة التي قتل فيها لاجين ظهر في السماء نجم له ذنب يخيل لمن رآه أنه قد وصل إلى الأرض. فلما رآه لاجين تعجب منه، وتمعّر (عبس) وجهه وقال لقاضي القضاة حسام الدين وهو معه: “ترى ما يدل عليه هذا النجم؟” فقال: “ما يكون إلا خير” فسكت لاجين، ثم قال “يا قاضي حديث كل قاتل مقتول صحيح” وتغير تغيرا زائدا. فشرع الحسام يبسطه ويطيب خاطره وهو يقول: “إنا لله وإنا إليه راجعون” وجلس وكررها، فقُتِلَ في مجلسه هذا”

السلوك لمعرفة دول الملوك – المقريزي

……….

طرقتان على الباب، ثم انفتح ليدلف الأمير كرجي ومعه الأمير نوغاي.. قبلا الأرض بين يدي السلطان الذي سألهما: “أتممتما العمل؟”

أجابه كرجي: “بلى”

عاد ليسأل: “والمماليك البرجية؟”

قال كرجي وهو يتشاغل بإصلاح وضع شمعة في شمعدان معلق بالحائط: “ذهبوا إلى مهاجعهم وأغلقنا خلفهم الأبواب”.

لم يلحظ لاجين أن كرجي قد ألقى بفوطة صغيرة على النمجاة (سلاح متوسط الطول بين الخنجر والسيف يحمله السلطان) الموضوعة على منضدة قريبة فأخفاها عن نظر السلطان.

ابتسم لاجين وقال موجها حديثه للقاضي: “تعرف يا شيخ.. لولا كرجي وتأييده لي عند انعقاد مجلس الأمراء بعد خلع كتبغا ما وصلت للسلطنة”

أحس كرجي غمزة في كلام السلطان، كأنما يدرك هذا الأخير ما يدبر له.. تبادل مع نوغاي نظرة سريعة وحاول أن يرهف السمع ليتأكد أن سلطانه لم تبلغه أصوات المماليك المتربصين الحاملين سلاحهم في الدهليز خارج القاعة، ثم سارع للانحناء وتقبيل الأرض مجددا بين يديه.

اعتدل  قائلا: “ألا تصلي العشاء يا خوند؟”

نظر له لاجين في صمت مصوبا إلى عينيه عينان لا تطرفان، ثم قال ببطء: “قد وجبت يا كرجي!”

اعتدل السلطان باتجاه القبلة خلف القاضي الرافع للإقامة.. قطع ترديده التكبيرة الأولى صفير يعرفه جيدا.. صفير نصل حاد ضخم يشق الهواء.. أحس صاعقة تجتاح أعلى صدره أعقبها وهن مفاجيء.. أدرك أن كتفه قد انخلعت عن جذعه وأن ذلك السائل الملتهب كحمم بركان هو دمه المتدفق عبر الجرح العميق.. وهو يلتفت نحو صاحب الضربة الغادرة، غابت المرئيات المحيطة عن وعيه وهو يرى نفسه بزاوية الطائر من أعلى، وهو يهوي بنفس الضربة منذ سنوات على كتف الأشرف خليل بن قلاوون.. حاول استجماع بقايا قواه مزيحا مشهد الذكرى الدامية، والتفت لكرجي ونوغاي المستلان سيفا الغدر.. دفعته غريزة البقاء للوثوب على كرجي وحمله بقوة مذهلة ليضرب به الأرض ويجثم فوق صدره، عامود نار مر عبر قدمه دفعه للالتفات، ليدرك أن نوغاي قد تناول النمجاة وهوى بها على رجله فقطعها.. تدفقت آخر قواه عبر الجرحان البشعان، فتمدد أرضا مستسلما لمصيره، وعندما انفتح الباب بعنف لافظًا حفنة من المماليك المتلهفين للاشتراك في الحفل الدامي، حرص على أن يمنح قتلته ابتسامة هازئة أخيرة قبل أن تهوي عشرات السيوف الثقيلة بعشوائية على بدنه لتتناثر شظايا جسده على جدران القاعة ومقاعدها.. وحتى عندما تدحرج رأسه المشقوق في عدة مواضع ليستقر بين قدمي القاضي المذعور المأخوذ بالمفاجأة، كان بمقدور هذا الأخير أن يميز بين لحم الوجه الممزق.. تلك الابتسامة الساخرة التي بعثتها ربما لحظة تَكَشُفِ أخيرة أنبأت القتيل عن مصير قتلته المظلم.

……….

لم يضع كرجي وقتا، ففور انهائه مهمته الدامية، سارع لملاقاة شريكه طغجي، وتوجها إلى دار منكوتمر وأحرقا بابها، ثم اعتقلاه وألقياه في جب مخصص لحبس المغضوب عليهم داخل أسوار القلعة، وفي الجب فوجيء منكوتمر ببعض من أمر بنفسه باعتقالهم، فرحبوا به بحفل دامٍ نالوا فيه من جسده ونفسه إطفاءً لغليلهم، ثم أخرجه كرجي وذبحه على حافة الجب، وألقى جثته مجددا، ليستكمل السجناء حفلهم الانتقامي.

……….

يخطيء البعض فيحسبون أن التاريخ يعيد نفسه، وإنما -في حقيقة الأمر-الإنسان هو من يعيد ارتكاب أخطائه، فكرجي وطغجي المتآمران ومن معهما، كررا خطأ من سبقوهما من قتلة سلاطين المماليك، فحسبا أنهما يستطيعان ببساطة قتل السلطان ثم الوثوب على كرسيه.. يريدان تكرار تجربة الظاهر بيبرس مع قطز، ولا يعرفان أن الزمان غير الزمان، وأن أمام الطامح لامتطاء العرش واجبات من تحالفات وتربيطات وموائمات،  فبينما أوهما شركاءهما في المؤامرة أنهما يعيدان الناصر محمد بن قلاوون إلى العرش، خططا لأن يصبح كرجي سلطانا وطغجي نائبا، فلما اكتشف الأمراء ذلك، اندلعت معركة ضارية، انتهت بمقتل كل من كرجي وطغي في اليوم التالي لقتلهما لاجين.. وأعاد أهل الحل والعقد الجدد الناصر محمد، وحلفوا له أيمان الولاء، وجعلوا كلا من الأميران بيبرس الجاشنكير وسلار وصيان عليه.

واستغل الأميران صغر سن السلطان، فتسلطا على الدولة وتحكما فيها وحجرا على صاحب العرش حتى في نفقاته، وضيقا عليه حتى غافلهما وهرب من القلعة.. من القاهرة، ومن مصر كلها، وتوجه باختياره لمنفاه في الكرك (في الأردن حاليا).. وتشاور الأمراء فيمن يولونه مكان السلطان الخالع نفسه، فاتفقوا على أن يصير بيبرس الجاشنكير سلطانا وسلار نائبا له.

……….

وبعيدا عن قلعة الجبل، والسلطان الجديد المزهو بنفسه وهو جالس على العرش والأمراء يقبلون الأرض بين يديه، كان الشاب الناصر محمد بن قلاوون يعد عدّته لاستعادة عرشه، فما كان اعتزاله إلا انسحابا تكتيكيا، تعقبه هجمة ارتدادية عنيفة، من شأنها أن تكتب للسلطان الجديد -بيبرس الجاشنكير- مكانا في سجل سلاطين المماليك المسفوكة دماؤهم.

(يتبع)

محتويات الموضوع