ولد النبي محمد -عليه الصلاة والسلام - يتمًا حيث مات أبوه عبد الله بن عبد المطلب وهو في بطن أمه، وعندما ولد كان طفلاً جميلاً بهيًا، يحبه كل مَن يراه حيث أن الله قذف حبه في قلوب الناس.
ولما ولد أرسله أهله إلى البادية وهي الأماكن التي يسكنها عدد قليل من الناس، ولكنهم محافظون على العادات والتقاليد واللغة السليمة وكانوا يربون الأطفال على الصفات العالية، فعاش النبي -عليه الصلاة والسلام- طفولته في بادية بني سعد مع مرضعته حليمة السعدية، حيث أنها أخذته طفلاً وليدًا وانطلقت به إلى أهلها فعاش معها طفولته وحدثت له عندها أمور كثيرة ساعدت في بناء شخصيته.
وبعد أن كبُر النبي -عليه الصلاة والسلام- في السن وأصبح صبيًا عاد إلى أهله في ربوع مكة، ولكن القدر سبق وماتت أمه السيدة آمنة بنت وهبة، وهو في سن السادسة من عمره لينتقل للعيش مع جده عبد المطلب بن هاشم وكان جده يحبه جدًا ومتعلق به جدًا، ولكن القدر أيضًا سبق ومات جده وهو في سنة الثامنة كم عمره، لينتقل للعيش مع عمه أبي طالب الذي أحبه جدًا.
وكان عمه أبو طالب يصحبه في جميع تنقلاته حتى علّمه التجارة والتعامل في الأسواق، وكان لأبي طالب فراشًا يُفرش له في ظل الكعبة وكان لا يجرء أحد على أن يجلس عليه فكان يأتي النبي -عليه الصلاة والسلام- ويجلس عليه من دون أولاده وكان أبناء أبي طالب يحاولون أن يرفعوه عن الفراش فيأتي أبو طالب فيقول: "دعوا ابني" يعني اتركوه.
ومرت الأيام وكبُر النبي -عليه الصلاة والسلام- وتعلم التجارة في الأسواق، فتاجر بمال أحد سيدات قريش السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- والتي رأت صدقه وأمانته، وهو رأي حياءها وأدبها فتقدم ليتزوجها، وتم الزواج الشريف ورزقهم الله أربع بنات، ووالدين، ومرت الأيام ومات عمه أبو طالب ثم بعده بأشهر قليلة ماتت السيدة خديجة في عام الحزن.
وعاش بعدهما النبي -عليه الصلاة والسلام- حياة صعبة لأنه فقد السند الداخلي وهي زوجته والسند الخارجي وهو عمه، ثم أشد عليه أذى قريش بسبب أن دعوته بدأت تنتشر ويتبعه كثير من أهل مكة وخاصة العبيد، مما جعل الأسياد يغضبون فاتفقوا على آذاه بكل أنواع الأذى مما اضطره أن يخرج من مكة يبحث عن مكان لدعوته، فذهب إلى مدينة قريبة من مكة يدعو أهلها للإسلام وهي الطائف ولكن وللأسف وجد منهم آذى شديد حتى أنهم سلطوا عليهم سفهاهم وعبيدهم يضربونه بالحجارة، حتى لجئ النبي – عليه الصلاة والسلام- إلى الله ويقول: "إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي" وجاءه ملك الجبال يستأذنه أن يطبق عليهم الأخشبين -يعني يجمع عليهم الجبلين الكبيرين فيحطمهم-، ولكن النبي – عليه الصلاة والسلام – قال: "لا، لعل الله يخرج من ظهورهم نسمة توحد الله".
ثم عاد إلى مكة ولم تمر إلا أيام قليلة حتى رزقه الله برحلتي الإسراء والمعراج والتي بدأت من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السماء تعويضًا عما لاقاه من أهل الأرض، ثم عاد من رحلتي الإسراء والمعراج لاقى تكذيبًا من أهل مكة.
ثم مرت الأيام ولم يستطع المسلمون وأتباع النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – أن يُمارسوا دينهم فأذن الله لهم أن يهاجروا من مكة إلى المدينة المنورة، والتي فيها الأنصار، الذين رحبوا بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، وعاشوا معهم كأنهم أخوة لأن النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – آخى بينهم فصاروا أخوة في الدين.
ولما اجتمع المسلمون في بلد واحد واجتمع المهاجرون والأنصار كونوا مجتمعًا إسلاميًا قويًا فبنوا المسجد، وكونوا الجيش، ودافعوا عن أنفسهم، وردوا الهجمات التي كانوا يتعرضون لها، وصار الإسلام قويًا مكتملاً.
وكل شيء إذا تم لابد أن ينتهي هكذا سنة الحياة، فلما اكتمل الإسلام قدر الله للنبي أن يلتحق بالرفيق الأعلى بعد عمر ثلاث وستين سنة، في السنة الحادية عشر من الهجرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق