عدنا مع قصة فرعون المذكور في القرآن الكريم..وسنعرض خلال هذا المقال الدلائل المتاحة لمعرفة حقيقة رمسيس الثانى ووالاجابة على السؤال الاهم: من هو فرعون موسى؟
من هو "رمسيس الثاني"
رمسيس الثاني هو ثالث فراعنة الأسرة التاسعة عشر، وكان والده الملك سيتي الأول. ُولد رمسيس الثاني عام 1303 قبل الميلاد وحكم مصر لمدة 67 سنة من 1279 ق.م. حتى 1212 ق.م. صعد إلى الحكم وهو في أوائل العشرينات من العمر.ظُن من قبل أنه عاش حتى أصبح عمره 99 عاماً، إلا أنه على الأغلب توفي في أوائل تسعيناته. وسنعرض لكم من الدلائل التي تثبت أنه فرعون موسى الآتي :
1- إدعاء رمسيس الثاني الاولوهية
رمسيس الثاني كان أول الفراعنة الذيم أدعوا الاولوهية ونصبوا انفسهم مع آلهة الفراعنة مثل رع وآمون قال كنت. ا. كتشن "انتشرت عبادة الفرعون رمسيس الثاني بداية من فئة الحرس والجنود حتى جميع فئات الشعب المختلفة" .ونلاحظ هنا أن بداية عبادة الفرعون رمسيس الثاني كانت من فئة الحرس والجنود وكان يرأسهما وزيره هامان بالطبع .. من هذا يمكننا ان نفهم الآية القرآنية: "أن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين".
أيضا ذكر جيمس هنري برستد هذا : (لكنه أصبح عاما حيث صار المصريون يعتقدون بأن جميع معابدهم عبارة عن أماكن شيدت لعبادة الفرعون رمسيس الثاني وهذا يعني أنهم اعتبروه إله مصر الأعظم ).
وايضا جاء في بعض الوثائق التاريخية ان رمسيس الثاني تمت تسميته بتلك الألقاب
الإله الطيب ( الله ) - سيد الأرضين (رب الأرضين) – سيد السماء (رب السماء) – عماد السماء وقوام الأرض (رب السماوات والأرض)– أنه حياة العالم كله (المحيي) – سيد الأبدية ( الحي الذي لا يموت ) – خالق الكثرة (الخالق) – بارئ البشر ( البارئ) - وصاحب الغلال الوفيرة و من تحت قدميه إلهة الحصاد ومن كلامه طعام ( الرازق ) - السيد السامي اليقظ عندما ينام الناس ( الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ) - الغني في السنين ( الغني) - العظيم الانتصارات (العظيم) ..... وغيرها ..
الأمر الذي نجد معه أن ملأه وحاشيته قد ركعوا وسجدوا له في خشوع تام .. ويبدو أن رمسيس الثاني قد رسخ تلك الادعاءات والأكاذيب وزاد في طغيانه
2- أوصاف فرعون موسى تتوافق مع رمسيس الثاني
جاء في التفاسير أنه قد كذب بعض بني إسرائيل بموت فرعون وقالوا أنه لا يموت .. فألقي علي ساحل البحر حتى رآه بنو إسرائيل أحمر قصير كأنه ثور وهناك روايات أخري كثيرة وصفت فرعون عندما رأوه بعد غرقه انه كان أصلع وأخينس "أخينس تصغير لأخنس .. الخنس (ذو أنف مرتفع ومتأخر عن الوجه قليلا".وهناك رواية لأبي بكر أنه قال : أخبرت أن فرعون كان أثرم "الثَّرَمُ، :انْكسارُ السِّنِّ من أصْلِها، أو سِنٍّ من الثَّنايا والرَّباعِياتِ"
وبهذا نستطيع ان نجمع صفات فرعون موسى كما وصفه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم : انه كان قصير و أصلع ومرتفع الانف قليلاً ولديه كسور في أسنانه أو لديه سن منكسر وهذه الاوصاف تنطبق بالضبط مع أوصاف رمسيس الثاني .
بمقارنة هذه الصفات بمومياء رمسيس الثاني الموجودة بالمتحف المصري نجد أن رأسه صلعاء مع وجود بعض الشعر علي جانبي الرأس وخلفه وأن أنفه بارز قليلا ومرتفع عن الفم قليلاً.
كما أنه كانت هناك فحوص طبية أجريت علي مومياء رمسيس الثاني في فرنسا في أواخر السبعينيات في رحلة علاج مومياءه ذكر فيها د. سميث أن هناك كسورا بأسنانه وخراريج بها خاصة في أسنان مقدمة الفم كما أوضح الكشف بالأشعة السينية لفك وأسنان مومياء رمسيس الثاني الحالة السنية للفرعون عند وفاته وقد تبين وجود بؤر عظمية انتانية عند شيخ عمره حوالي 90 سنة مصاب بفقدان عادي عام ومتقدم لمنطقة الأضراس ولم يبين الكشف وجود أي علاج أسناني تستطيع أن توضحه الأشعة السينية.
وبهذا نجد أن كل الصفات التي ذكرت في الروايات عن فرعون موسى الغريق تكاد تطابق مومياء رمسيس الثاني عدا صفة واحدة وهي طوله حيث ذكرت الروايات أنه كان قصيرا في حين أن طول مومياء رمسيس الثاني 173 سم أي انه كان وسطاً في الطول ولكن ربما كانت المسألة نسبية , فربما كان هذا قصيرا إذا نسبوه للغالبية من رجال عصره أو بالنسبة لبني إسرائيل الذين وصفوه عندما شاهدوا جثمانه فقد كان موسى وهارون طويلين.
3-يوم الزينة يكشف رمسيس الثاني
قال موسى "قال موعدكم يوم الزينة وان يحشر الناس ضحى" .قال ابن عباس عن يوم الزينة : انه كان أول أيام سنتهم (نيروزهم) وكان يوم عاشوراء وكان يوم السبت .. بالحساب الفلكي لهذا اليوم تم التوصل إلى انه كان يوم السبت 9 يوليو 1266 ق.م الموافق 10 محرم 1945 ق. هـ وان هذا اليوم لم يتكرر في التاريخ المصري من قبل بمعنى انه لم تتوافق أيام 1 توت مع 10 محرم مع يوم السبت في يوم واحد إلا في يوم 9 يوليو 1266 ق.م .. وعام 1266 ق.م يقع بالتأكيد في فترة حكم رمسيس الثاني في كل الاحتمالات حيث شهدت فترة حكمه ال67 سنة اختلافات بين المؤرخين (1302 :1235) و (1292 : 1225) و (1279 : 1212) ق.م وهذا الدليل لا ينطبق على أي فرعون أو أي ملك في العالم إلا على رمسيس الثاني وحده .
4-يوم عاشوراء..يوم غرق الفرعون
عاشوراء الخروج :أحاديث عاشوراء المشهورة بينت أن فرعون غرق في يوم عاشوراء حيث أنه عندما هاجر الرسول للمدينة فوجد اليهود صائمون في يوم عاشوراء فسألهم عن سبب صيامهم فقالوا : في مثل هذا اليوم نجى الله موسى وأغرق فرعون فصامه موسى لهذا نصومه فقال رسول الله : نحن أولى بموسى منكم وأمر بصيامه .
بالحساب الفلكي لهذا اليوم باستخدام قصة الخروج في كما جاءت في القران والتوراة والأحاديث النبوية والتعرف الجغرافي على خط سير الخروج الأشهر من قرية قنتير بالشرقية حتى أول خليج السويس وحساب طوله الذي يصل إلى 200 كم وكلها يبين ان الخروج استغرق أكثر من 20 يوم تم التوصل باستخدام الحساب الفلكي إلى يوم عاشوراء الذي توافق فيه 10 محرم مع 10 أيار الذي وافق فصل الربيع حيث كان يوم السبت 28 ابريل 1227 ق.م الموافق 10 محرم 1905 ق. هـ الموافق 10 أيار2534عبري وهذه حالة فلكية نادرة , وهذا التاريخ هو الأقرب لتاريخ وفاة رمسيس رغم اختلاف تاريخ وفاته لدى المؤرخين بين 1235 و 1212 ق.م . وهذا التاريخ يثبت أن تاريخ يوم الزينة السابق كان في السنة ال27 من حكم رمسيس لأنه لم يكن باق على حكم رمسيس سوى 40 سنة .
5- فترة حكمه تكشفه:
إذا ما راجعنا أعمال رمسيس الثاني (كما وصفوه ببطل الحرب والسلام) خلال فترة حكمه التي وصلت إلى 67 سنةنجد انه في سنة 4 من حكمه كانت حملة رمسيس الثاني الأولى على سوريا وغزوته لدولة امورو وفي سنة 5 من حكمه كانت حملة سوريا الثانية حيث قاد رمسيس الثاني معركة قادش المشهورة الذي هزم فيها الحيثيين كما بدء العمل في معبدي أبى سنبل في الفترة من سنة 10:5 من حكمه وفي السنة 7:6 من حكمه حملة ليبيا وغزو مؤاب وكنعان وفي السنة 8:7 حملة سوريا الثالثة في شرق وغرب فلسطين وفي السنة 9:8 حملة سوريا الرابعة بالجليل ووسط سوريا (معركة دابور) وفي السنة 10 من حكمه حملة سوريا الخامسة وفي سنة 21 من حكمه عقد رمسيس معاهدة مع دولة خاتي وفي سنة 24 من حكمه افتتح معبدي أبي سنبل وفي نفس السنة حدث احتكاك خفيف مع دولة خاتي وفي سنة 25 : 26 من حكمه إعادة توثيق الروابط بين مصر و أوجاريت (بسوريا) .
س: ثم ماذا بعد ذلك من غزوات أو أعمال عظيمة لرمسيس الثاني في فترة الأربعين سنة الباقية من حكمه (من سنة 27 حتى سنة 67 من حكمه) ؟
للأسف ... لا شيء هام يذكر .. ليس هناك أي عمل عظيم له خلال ال40 سنة الباقية من حكمه .. لماذا ؟
بالطبع لأن رمسيس الثاني انشغل تماما بعد يوم الزينة في السنة 27 من حكمه وإظهار الله لموسى وهارون عليه وعلى السحرة وأصاب الله فرعون (رمسيس الثاني) بالآيات التسعة أو الضربات العشرة التي استمرت خلال الأربعين سنة الباقية من حكمه التي توالت واحدة تلو الأخرى فانشغلوا بما أصابهم الله من رجز ثم رحمة ثم رجز .. وهكذا , فلم يكن لرمسيس الثاني أية أعمال هامة تذكر خلال الأربعين سنة الأخيرة من حكمه , ولقد قال تعالى في هذا :
" وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ " الأعراف 130 : 133
6- بناء الصرح في عصر رمسيس الثاني
الصرح هو كل بناء عال وجمعه صروح فرعون ادعى أنه إله، وإمعاناً في تكذيب موسى والاستهزاء به طلب من وزيره أن يبنى له برجاً عالياً من الطوب المحروق أي الآجر، ليصعد عليه في السماء ويرى إله موسى !{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ } [القصص: 38-39].
كانت المباني – حتى ذلك الوقت – تقام من الطوب اللبن أو الحجارة.
وكل المدن الأخرى تقريباً كانت مبنية بالطوب اللبن ما عدا المعابد والقصور فكانت بالحجارة، وفي أواخر عهد رمسيس الثاني تم اكتشاف أن حرق الطوب اللبن يجعله أكثر صلابة وأطول عمر, ولا توجد آثار بنيت بالطوب الأحمر "الطوب اللبن المحروق" قبل عصر رمسيس الثاني.
ولعل السرد القرآني لبناء الصرح في سورة القصص والنص على طريقة صنع الآجر بحرق الطين فيه إشارة إلى أن الفرعون الذي عاصر موسى عليه السلام هو أول من اكتشف هذه الطريقة ويكون ذلك دليلاً آخر على أن رمسيس الثاني هو فرعون موسى.
7- قوله تعالى: {وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ }
(ذو الأوتاد) صفة وردت في القرآن الكريم عن فرعون موسى. ويهمنا أن نعرف ما هو المقصود بالأوتاد لنعرف على مَنْ مِنَ الفراعين ينطبق هذا الوصف.
وقد جاء وصف فرعون موسى بذي الأوتاد في آيتين:
{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ } [ص: 12].
{وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ } [الفجر: 10-11].
وأوتاد جمع وتد، وهو ما رُزَّ في الأرض أو الحائط من خشب.
وقيل ( تفسير الألوسي جـ 23 ص 170) إن القرآن الكريم شبه هنا فرعون في ثبات ملكه ورسوخ سلطته ببيت ثابت أقيم عماده وتثبتت أوتاده، على سبيل الاستعارة،وقيل أن ذي الأوتاد وصف لكثرة الجند
ولكن يمكن قبول هذا التفسير وهو أن الأوتاد تعني الأعمدة
في هذه الحالة نجد أن رمسيس الثاني كان أكثر الفراعين إقامة للأعمدة ونضرب هنا بعض الأمثلة:
1- معبد سيتي الأول في أبيدوس
2- معبد رمسيس الثاني في أبيدوس
3-معبد الأقصر: الذي بدأه أمنحتب الثالث وأضاف إليه رمسيس الثاني فناءين بهما عدد كبير من الأعمدة يصل إلى 90 عموداً
4-قاعة الأعمدة بالكرنك: قام رمسيس الثاني بإقامة معظمها، وبها 124 عموداً مرتبة في 16 صفاً وتشغل مساحة 500 متراً مربعاً.
فإذا أخذنا بهذا التفسير – وهو أن الأوتاد تعني الأعمدة – لكان رمسيس الثاني هو صاحب أكبر عدد من الأعمدة في المباني التي أقامها.
لكن هناك تفسير ايضا أصح يجب أن نذكره
وهو ان المقصود بالاوتاد هنا " المسلات ",فهناك الكثير من المسلات الفرعونية المعروفة والتي تتخذ شكل الوتد
إذ أن وتد باللغة الهيروغليفية اسمه بون، ومدينة هيليوبوليس – وهي مركز عبادة إله الشمس – تسمى أون اشتقاقاً من يون فهي مدينة الأوتاد وهي أول مكان أقيمت فيه المسلات في مصر القديمة
ولعل العرب عندما فتحو مصر ورأوا هذه القطع الصخرية الرفيعة البالغة الارتفاع في أون ( عين شمس ) أو طيبة وأرادوا تسميتها اشتقوا لها اسما مما ألفوه في حياتهم فشبهوها بالإبرة الكبيرة التي تخاط بها ركائب الغلال وسموها مِسلّة أو اشتقاقاً من المسلّة .
ولو كان العرب عند دخولهم مصر قد سألوا اليونانيين بماذا سمُّوا هذه الإبر الصخرية العظيمة لعلموا أنهم سموها Obeliskos بمعنى وتد وبمعنى عمود مدبب أيضاً.
8- قوله تعالى: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ }
أ- الدمار في معبد أبي سمبل الكبير:يقول عالم الآثار سليم حسن عن معبد أبي سمبل الكبير بأنه أعظم بناء أقامه إنسان في ذلك العصر.
وكان رمسيس الثاني قد بدأ في إقامته في السنة العاشرة من حكمه واحتفل بافتتاحه رسمياً في السنة 24 من حكمه، وتمر الأعوام ويحتفل رمسيس الثاني بالعيد الثلاثيني الأول وأقيمت احتفالات ضخمة في المعبد بهذه المناسبة ولم تمر بعد ذلك بضعة أشهر حتى حدث زلزال شديد ضرب منطقة النوبة واهتزت المنطقة، وما حدث بمعبد أبي سمبل الكبير كان مأساة مفجعة كما يقول العلام كتشن
إذ تشققت الأعمدة الضخمة وتكسر بعضها وأنهار وكذلك انهار العمود الثاني والتمثال الملكي في الجانب الشمالي من الحجرة الأولى وتحول إلى حطام وكذلك أصاب الدمار الواجهة ذاتها – إذ انهارت الدعامة الشمالية لباب المدخل الرئيسي وسقطت ذراع التمثال الأول من الناحية الشمالية والمجاور للباب. ولكن الخسارة الكبيرة كانت في سقوط النصف العلوي بأكمله للتمثال الجنوبي: الرأس والذراعين والأكتاف، وتكسرت اللوحات على الحوائط وكان المنظر فظيعاً والموقف حرجاً بالنسبة لنائب الملك على منطقة النوبة ( باسر) ولم يكن في وسعه إلا أن يقف مكتوف اليدين أمام هذا الدمار.
ب- تصدع الرمسيوم:
الرمسيوم وهو المعبد الجنازي – بناه رمسيس الثاني ليكون مكاناً فاخراً لحياة أخرى له حيث تقام الشعائر لتبجيله وتعظيمه إلى الأبد وكان يسمى في المصرية القديمة ( بيت ملايين السنين المتحدة مع طيبة ) ولكن الأمور لم تسر كما كان يهوى الفرعون فقد أصاب الزلزال معبد الرمسيوم هو الآخر بضرر بالغ، فقد سقط النصف العلوي من التمثال البالغ الضخامة الذي كان مقاماً في الردهة الأولى. سقط الرأس والأذرع والكتفين والصدر كتلة واحدة وتهدمت البوابة تماماً، ولا يزال نصف التمثال هذا ملقى على الأرض منذ سقوطه.
9-غرق فرعون .."اليوم ننجيك ببدنك"
يمكننا أن نقول أن من عرف بغرق فرعون عدد محدود هم رجال البلاط والكهنة وإن تسرب النبأ إلى بعض العامة .المهم أن الفرعون توفى كما توفى غيره من الفراعين الذين سبقوه وعلى العموم فقد بلغ من العمر أرذله . بلغ 90 عاما وحكم مصر 67 عاما ولذلك لم يستغرب الناس وفاته .
ولنعرف الآية المقصودة علينا أن نستكمل ما حل بهذا البدن الذي أنجاه الله
من المعروف أن مومياوات الفراعنة قد أعيد دفنها في خبيئة الدير البحري في عام 969 ق.م ولذلك لتضليل سارقي الآثار, وطمست الرمال مدخل القبر ونسي الأمر ومرت قرون .
وفي عام 1872 م عثر فلاح مصري هو وإخوته مصادفة على خبيئة الدير البحري وأخفوا اكتشافهم وظلوا يترددون على المقبرة سرا يأخذون منها ما خف وزنه وغلا ثمنه مثل الجواهر والحلي والأواني التي تحنط فيها الأحشاء وغيرها ويبيعونه ويقتسمون ثمنه . وكما يقال . إذا اختلف اللصوص ظهر المسروق .
فقد اختلف الاخوة وراح أحدهم الى قسم البوليس واعترف بالأمر بعد أن كانت قد مرت 10 سنوات على اكتشافهم له . وفي 6 يوليو 1881 م ذهب مسئولون من هيئة الآثار المصرية ونزلوا إلى المقبرة وبواسطة 300 من العمال أمكنهم في مدة يومين نقل كل محتويات خبيئة الدير البحري من جميع مومياوات الفراعين وأثاث جنازي في باخرة إلى القاهرة حيث أودعت في المتحف المصري في بولاق .
ويقول خبير الآثار إبراهيم النواوي انه في عام 1902 م بعد نقل مومياء رمسيس الثاني قام بفك اللفائف لإجراء الكشف الظاهري على المومياء ولمعرفة ما يوجد تحت اللفائف وهل هناك مجوهرات أو تمائم أو غير ذلك والذي حدث هو أن اليد اليسرى للملك رمسيس الثاني ارتفعت إلى أعلى بمجرد فك اللفائف وهي تبدو لافتة للنظر بالنسبة لغيرها من المومياوات..
وهذا وضع غير مألوف بالنسبة للمومياوات الأخرى التي بقيت أيديهم مطوية في وضع متقاطع فوق صدورهم .
ومما قاله أحد علماء الآثار عند مشاهدته للمومياء : عجيب أمر هذا الفرعون الذي يرفع يده وكأنه يدرأ خطرا عن نفسه .. ولعل قائل هذه الكلمات وهو يلقيها – مجازا أو تهكما- لم يخطر بباله أنه قد أصاب – دون أن يدري – كبد الحقيقة . وانه قدم التفسير المحتمل لهذا الوضع الغريب لليد اليسرى لمومياء رمسيس الثاني . ثم قدم د. البدراوي تصورا لما حدث منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام وبالتحديد قبل 3223 عاما ( 1225ق.م +1998م) حيث قدم سيناريو أحداث الواقعة كما صورها القران مطلقا العنان لخياله فيما لم يأت فيه نص وأنهاها بما نصه: ونظر (رمسيس) ولم يصدق عينيه .
ما هذا ؟ إنها موجة هائلة من المياه قادمة نحوه . لقد بدأ البحر ينطبق والمياه قادمة تجاهه هادرة مزمجرة . وبحركة لا شعورية رفع يده اليسرى ممسكة بدرعه يتقي بها موجة المياه المندفعة نحوه وكانت لطمة المياه من الشدة وقبضة يده من القوة بحيث حدث تقلص في عضلات ذراعه الأيسر وثبتت ذراعه ويده على هذا الوضع . ولما غشيته المياه وفارقته الحياة ظلت يده على هذا الوضع
وصفت لنا بعض كتب التفاسير مشهد غرق فرعون موسى مستعينة بروايات لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته فذكرت انه عندما أدرك فرعون الغرق وقال "آمنت بأن لا اله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين" كان سيدنا جبريل حاضراً في هذا المشهد حيث أخذ يأتي بطين قاع البحر فيسد فم فرعون خوفاً من أن تدركه الرحمة من الله ذلك الذي ادعى الألوهية وبارز الله بكافة المعاصي ولقد جاءت هذه الأحاديث كثيرة في كتب التفسير نذكر احدها فعن حماد بن سلمة عن علي ابن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما أغرق الله فرعون قال : *( آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) فقال جبرائيل : يا محمد ! لو رأيتني و أنا آخذ من حال البحر و أدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة " ..
نحن نعرف أنه عندما يصارع المرء مياه البحر في الرمق الأخير مخافة الغرق فأنه يجاهد بكل ما يتبقى من قوة فيحتاج للمزيد والمزيد من الهواء ليتنفس ولا يسعفه دخول الهواء عبر انفه فنجده يفتح فمه على آخره ليأخذ هواء الشهيق ولكنه يأخذ الماء بدلا من الهواء فتمتلأ رئتاه بالماء وينتفخ بدنه ويمتنع الأوكسجين عن الوصول إلى الأعضاء والأنسجة وخاصة الخلايا العصبية الحيوية بالدماغ التي تؤدي إلى الوفاة بعد3 دقائق وتكون علامات موته ما نسميه باسفكسيا الغرق والتي من أهمها انتفاخ الجسد وزرقته , ولكننا في حالتنا هذه فان فرعون أثناء محاولته للحصول على الهواء من فمه حتى لا يموت غرقاً نجد ان سيدنا جبريل بقدرته الجبارة قد سد فمه بطين قاع البحر المبتل فمنع الأوكسجين عنه تماماً فمات فرعون مختنقاً وهو ما نسميه باسفكسيا الخنق أو الاختناق والتي من أهم أعراضها زرقة في البدن فيه دون انتفاخ أو تلف في بدنه وهو الذي حفظ بدنه سليماً وعندما شك بنو إسرائيل في موته أمر الله البحر ان يلفظ بدن فرعون كاملاً إلى الشاطئ قبل ان يتلف أو تأكله الأسماك المتوحشة فوجدوه أمامهم ميتاً وجسده سليماً لدرجة أنهم تعرفوا عليه بسهولة ووصفوه وصفاً دقيقاً بأنه كان قصيراً اخينساً أصلعا أثرماً ولم يصفوه بمنتفخاً أو متعفناً أو تالفاً .. لهذا نحن نحتاج إلى فريق متمكن من الأطباء الشرعيين ليتحققوا من سبب الوفاة الأصلي فالمشاهد المبدئية لجثمانه تبدو الزرقة هي الغالبة على بدنه كما ترى في الصورتين الآتيتين :
والغريب والمثير انك لتجد اليهود اليوم يعرفون أن رمسيس الثاني هو فرعون موسى الذي عذبهم وقتل أبناءهم واستحى نساءهم وأخرجهم من مصر والدليل على ذلك أن الذي أشار إلى إمكانية علاج مومياء رمسيس الثاني في فرنسا هو مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل في أواخر السبعينيات عندما اخبر الرئيس المصري أنور السادات بذلك وأثناء فترة علاج مومياء رمسيس الثاني في فرنسا التي استمرت عدة شهور زار موشي ديان (وزير الدفاع الإسرائيلي) فرنسا وطلب مشاهدة مومياء رمسيس الثاني أثناء علاجه وعندما وقف أمام المومياء قال ديان موجها كلامه لمومياء رمسيس الثاني : لقد أخرجناك من مصر كما أخرجتنا منها .
قال تعالى : " لتكون لمن خلفك آية ".. و( خلفك) هنا لا تعني بني إسرائيل الذين رأوا جثته بعد موته فقط ولكن تعنى كل الأجيال الذي جاءت بعده حتى جيلنا المعاصر والأجيال التالية حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق