هل هناك حقا فتاة تعيش في المرحاض ؟ ..
كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل , دخلت هايدي إلى الحمام قبل أن تخلد للنوم , رفعت ثوبها وجلست بهدوء فوق كرسي المرحاض , كانت الوحيدة التي ما تزال مستيقظة في تلك الساعة المتأخرة , أهلها ناموا منذ ساعتين , وهناك سكون عميق يخيم على المنزل برمته . كان النعاس قد أثقل جفونها حتى كادت أن تغفو فوق كرسي المرحاض لولا أنها انتبهت مفزوعة لما بدا كأنه ضحكات مكتومة تأتي من مكان ما داخل الحمام , لوهلة حسبت بأنها تتوهم , لكن تلك الضحكات زادت وضوحا وصاحبتها همهمة وضجة مبهمة كأنما هناك شيء يتخبط داخل أنابيب ومواسير الحمام . رعب شديد تملك هايدي عندما بدأت تدرك بأن مصدر الأصوات هو المرحاض الذي تجلس عليه ... نعم هناك شيء ما يتكلم ويتحرك أسفل منها ! أرادت أن تقوم , لكنها لم تستطع ! كأنما هناك شيء يتمسك بها ويثبتها بقوة إلى المرحاض , فراحت تصرخ كالمجنونة طلبا للنجدة .
والدا هايدي استيقظا من النوم فزعين على صراخ هايدي فهرعا إليها , طرقا باب الحمام مرارا لكنهما لم يسمعا سوى صراخ أبنتهم وعويلها المخيف , أخيرا قام الأب بكسر الباب , ولشدة دهشتهم كان الحمام فارغا تماما وليس هناك أي أثر لهايدي .. بحثا عنها في البيت بأسره لكن من دون فائدة . أخيرا اتصلا بالشرطة فحضروا على وجه السرعة وشرعوا بتفتيش المنزل , لكن هم أيضا لم يعثروا على شيء , لقد اختفت هايدي وتلاشت تماما . لكن أثناء بحث وتفتيش أفراد الشرطة حول المنزل أنتبه أحدهم إلى بلاعة في الفناء كان الغطاء قد رفع عنها , فأقترب الشرطي ووجه نور كشافه إلى داخل البلاعة وهاله ما شاهدت عيناه , إذ كانت هايدي تقبع في قعر تلك البلاعة جثة هامدة ! قدماها نحو الأعلى ورأسها إلى الأسفل , رقبتها مكسورة وعيناها مفتوحتان تحدقان برعب نحو الأعلى , والأكثر رعبا كان وجهها , إذ اختفى تماما كأنما قام أحدهم بسلخه بالكامل .
في اليوم التالي أنتشر خبر مقتل هايدي في مدرستها الثانوية كالنار في الهشيم , جميع الطالبات كن مرعوبات لما حل بزميلتهن , لكن كانت هناك أربع منهن هن الأكثر رعبا , خصوصا بعد أن علمن بأن الجثة عثر عليها في بلاعة , فتأكدن بأن موتها لم يكن قضاء ولا قدرا وأنه مرتبط بجريمة مروعة اقترفت بكل خسة ونذالة قبل عدة أشهر وأفلت منفذوها من العقاب . ولم يطل الوقت حتى واجهت تلكم الطالبات الأربع نفس مصير هايدي , اختفين واحدة تلو الأخرى وتم العثور على جثثهن في قعر بالوعة .
الشرطة وقفت حائرة أمام هذه الحوادث المبهمة , إذ كيف يمكن أن يتم سحب شخص ما عبر المرحاض ثم يعثر على جثته داخل بالوعة ؟ صحيح أن المرحاض مرتبط بالبالوعة , لكن كيف لجسد إنسان بالغ أن يمر عبر فتحة المرحاض الصغيرة ؟!! .. بالطبع لا يمكن أن يحدث ذلك في عالم الواقع الذي تحكمه قوانين فيزيائية متعلقة بالكتلة والحجم والاحتكاك , لكن عندما يتعلق الأمر بعالم ما وراء الطبيعة , بالجن والأشباح والأرواح الشريرة .. فكل شيء ممكن .. وقصتنا هذه بالذات لها علاقة وثيقة بالعالم الآخر . ومن اجل أن نفهم طبيعة هذه العلاقة وحقيقة ما جرى فالأجدر بنا أن نعود بالزمن عدة أشهر إلى الوراء , أي قبل مقتل هايدي وزميلاتها , بالتحديد إلى اللحظة التي انضمت فيها طالبة جديدة لمدرستهن الثانوية .
تلك الطالبة كان أسمها كارمن وينستيد , انتقلت مؤخرا إلى المدينة قادمة من ولاية أخرى بسبب ظروف عمل والدها . كانت طالبة متميزة ومحبوبة في مدرستها السابقة لكنها واجهت صعوبة في التأقلم مع المدرسة الجديدة ولم تستطع أن تبني صداقات مع زملاءها الجدد بسهولة , ولسوء حظها فقد تعرفت بعد فترة على مجموعة "شلة" من خمس طالبات متميزات بجمالهن وأناقتهن ومستواهن الاجتماعي الراقي , لكنهن أيضا مغرورات ومتعاليات يهوين السخرية من الجميع . وكانت هايدي هي زعيمة تلك الشلة .
كارمن كانت سعيدة جدا بانضمامها لهذه الشلة المتألقة التي كانت محط أنظار المدرسة , وفي محاولة منها للتقرب أكثر من صديقاتها الجديدات , أو بالأحرى من حسبت بأنهن صديقاتها , فقد باحت لهن ببعض أسرارها الشخصية , وللأسف لم يطل الوقت حتى أصبحت هذه الأسرار على كل لسان داخل المدرسة , وأصبحت كارمن تتعرض للسخرية من قبل بقية الطلاب , وحتى من المعلمات ! وحين عاتبت كارمن صديقاتها في تلك الشلة المتعالية على إفشاء أسرارها حدثت مشاجرة معها انتهت بطردها من الشلة وأهانتها . ومنذ ذلك الحين صارت كارمن تتعرض للسخرية والتحقير بشكل يومي من قبل الطالبات الخمس الشريرات حتى تحولت حياتها إلى جحيم . كانت تترك كتبها ودفاترها في الصف خلال الاستراحة فتعود لتجدها ممزقة ومشوهة بكتابات قذرة وشتائم , وأحيانا تفتح حقيبتها المدرسية لتجد بأن أحدهم سكب كمية كبيرة من الزبادي داخلها , ومرة وضعوا براز كلب في ملابسها خلال حصة الرياضة , ومرة قاموا بلصق ورقة على ظهرها من دون أن تشعر مكتوب عليها "عاهرة" وجعلوا الجميع يضحكون عليها , وقاموا أيضا بكسر خزانتها وعبثوا بأغراضها الخاصة وبعثروها .
وكأن كل هذا الأذى لم يكفي لإشباع غرور وعنجهية فتيات الشلة الشريرة فأردن تحقير كارمن أكثر , خصوصا بعدما علمن بأنها اشتكت لإحدى المدرسات منهن . وقد واتتهن الفرصة ذات يوم عندما كان هناك تمرين على الحريق داخل المدرسة مما يستوجب خروج جميع الطلاب بسرعة من الصفوف وتجمعهم في باحة المدرسة , هنا خطرت لهايدي فكرة جهنمية وشريرة جدا , ونالت تلك الفكرة أعجاب صديقاتها على الفور فقررن وضعها موضع التنفيذ , كان هدفهن هو إهانة كارمن والسخرية منها أمام المدرسة بأسرها , فأنتهزن فرصة الصخب الذي رافق تزاحم وتجمع الطلاب في باحة المدرسة وقمن برفع الغطاء المعدني المدور الذي يغطي إحدى البالوعات ثم هاجمن كارمن المسكينة وجررنها من شعرها بكل قسوة ودفعنها إلى داخل تلك البالوعة .
وبعد انتهاء التمرين وتجمع الطلبة في الباحة راحت المديرة تنادي بأسماءهم واحدا تلو الآخر ليعودوا إلى صفوفهم , لكنها حين نادت بأسم كارمن لم تسمع جوابا , فكررت النداء بدون فائدة , أخيرا صرخت بالمكريفون بنفاذ صبر وغضب : " أين أنتِ يا كارمن ؟ " .
فصاحت طالبة من بين الجموع : " إنها في البالوعة !" .
فضجت المدرسة بالضحك , حتى المديرة ابتسمت وقالت عبر الميكرفون : "هيا كارمن أخرجي .. كفى لعبا " .
لكن كارمن لم تخرج رغم النداءات المتكررة , فسارت المديرة بغضب نحو البالوعة المفتوحة , وما أن نظرت داخلها حتى أطلقت صرخة رعب مدوية , فهرع الجميع ليلقوا نظرة , ولقد كان ما رأوه مخيفا بحق , لقد شاهدوا كارمن وهي تقبع بدون حراك في قعر البالوعة , يبدو أنها سقطت على رأسها عندما قاموا بدفعها بالقوة إلى داخل البالوعة مما أدى إلى كسر رقبتها وأصابتها بجروح غائرة أدمت وجهها نتيجة اصطدامها العنيف بالأرضية الخرسانية لقعر البالوعة , كانت رقبتها مكسورة بشكل مروع إلى درجة أن رأسها استدار 180 درجة إلى الخلف فأصبح وجهها في قافاها ! وكانت تنظر إلى الأعلى بعينين مفتوحتين وهناك تعبير مؤثر على وجهها المغطى بالدم , كأنها تقول لمن يراها : " بماذا أذنبت لكي تفعلوا بي هذا ؟ " .
الشرطة حضرت إلى المدرسة وتم أخراج جثة كارمن من البالوعة وسلمت لأهلها , والغريب أنه حتى في دفنها لم يأت أحد من زملائها لمواساة والديها , ولذلك ما أن انتهت مراسم العزاء حتى باع والدا كارمن منزلهما وتركوا إلى الأبد تلك المدينة الشريرة الآثمة .
المحققون حاولوا معرفة سبب سقوط كارمن في البلاعة , وعلى الرغم من أن العديد من الطلاب شاهدوا الفتيات الخمسة وهن يدفعن كارمن بكل قسوة وهمجية إلى داخل البالوعة إلا أن أيا منهم للأسف لم يتقدم للشهادة , مما أدى بالنهاية إلى غلق القضية وتسجيلها على أنها قضاء وقدر ونسى الجميع ما كان من أمر كارمن واستأنفوا حياتهم بشكل طبيعي .
لكن لم تمر سوى عدة أسابيع على موت كارمن حتى تعرضت هايدي , زعيمة شلة الفتيات الخمسة الشريرات , للموت بأبشع صورة عندما كانت في حمام منزلها وتم العثور على جثتها في البالوعة كما ذكرنا بالتفصيل في مقدمة القصة , ولم يطل الوقت حتى لحقت بها زميلاتها الأربع بنفس الطريقة .
وليت الأمر توقف عند هذا الحد .. فالشائعات تقول بأن روح كارمن الغاضبة , أو ربما قرينتها , سكنت المكان الذي قتلت فيه , أي البالوعات ومجاري الصرف الصحي ! .. وهي تسعى للانتقام من كل الذين شاركوا في قتلها أو شاهدوا أو سمعوا بالسبب الحقيقي لموتها ولم يتكلموا , وأن هذه الروح أو القرينة الغاضبة تتنقل عبر أنابيب المياه والمواسير من منزل لآخر لكي تنجز انتقامها , ولهذا فأن مسلسل اختفاء وموت الطلاب والعثور على جثثهم في البالوعة أستمر حتى بعد مقتل الفتيات الخمسة , فالعشرات من طلاب تلك المدرسة ماتوا بهذه الطريقة البشعة مما اضطر إدارة التربية والتعليم في المدينة إلى إغلاق المدرسة نهائيا .
ليس هذا فحسب , يقال بأن جميع الطلبة المتنمرين الذين يؤذون زملائهم بلا وجه حق ويستمتعون بالسخرية منهم قد يتعرضون للموت بنفس الطريقة البشعة , يتم شفطهم عبر أنابيب المرحاض ويعثر لاحقا على جثثهم المشوهة في البالوعة وقد تم سلخ وجوههم بالكامل ! . لذا عليك بالحذر عزيزي القارئ .. لا تؤذ زملائك , ولا تسخر منهم , ولا تقم بتحقيرهم .. أما لو كنت ممن يستمتعون بفعل هذه الأمور السيئة فأنصحك بتجنب الجلوس على المرحاض , سواء كان مرحاضكم شرقي أو غربي , فمن يعلم أي يد قد تمتد على حين الغرة من تلك الفتحة الصغيرة أسفلك فتسحبك إلى الداخل وينتهي بك المطاف في بالوعة قذرة مليئة بالمياه الآسنة .
لكن مهلا ! .. هل هذه القصة حقيقة ؟ ..
لا أدرى , هي من الأساطير الشعبية الشهيرة في أمريكا .. والأساطير الشعبية عزيزي القارئ هي قصص يرويها الناس عن أمور وحوادث غريبة ومرعبة يقال بأنها وقعت فعلا لكن لا يمكن التأكد من صحتها وحقيقتها . هناك بعض الأساطير الشعبية لها جذور حقيقية , وبعضها الآخر مجرد فبركة . شخصيا أظن بأنه من غير الممكن أن يتم شفط إنسان عبر فتحة المرحاض ليتم العثور عليه لاحقا ميتا في بلاعة !! . لكن من ناحية أخرى فأن الـ "بنوتات" الشريرات أمثال هايدي وزميلاتها لسن مجرد أسطورة , فهن موجودات في عالم الواقع , وأعتقد بأن العديد منا مروا خلال حياتهم الدراسية بمثل هذه النماذج المؤذية والمتنمرة .
في عالم البنات غالبا ما يكون العنف النفسي هو الغالب ونادرا ما يتعداه إلى الاحتكاك الجسدي العنيف كذلك الموجود في عالم الأولاد , خصوصا ذلك العنف الذي يرقى إلى مستوى الإجرام , لكن هذا العالم الواسع لا يخلو أيضا من قصص عجيبة ونادرة لفتيات ظاهرهن الرقة وباطنهن القسوة أقدمن على جرائم بشعة ومروعة بحق زميلاتهن وصديقاتهن لأسباب تافهة غالبا ما تنحصر في نطاق الغيرة والحسد والنميمة , كما حدث في ولاية فرجينيا الغربية الأمريكية عام 2012 حين قامت كل من شيلا إيدي – 17 عاما – و راشيل شوف – 16 عاما – باستدراج صديقتهن وزميلتهن في المدرسة سكايلر نيز – 16 عاما – إلى الغابة وقمن بقتلها طعنا بالسكاكين .
الفتيات الثلاث كن صديقات مقربات جدا , خصوصا سكايلر وشيلا حيث كانت صداقتهن تعود لعهد الطفولة , وكان والدا سكايلر يعتبران شيلا بمثابة ابنة ثانية لهم , أما راشيل فقد تعرفت عليها سكايلر قبل سنتين فقط من مقتلها , وهي بالأساس , أي راشيل , كانت صديقة شيلا .
الصديقات الثلاث كن دائما مع بعض سواء في المدرسة أو خارجها ويتبادلن الزيارات في منازلهن بأستمرار , والمفارقة هو أن كل واحدة منهن كانت الابنة الوحيدة لعائلتها .
وكما يحدث في الكثير من الصداقات فأن بعض الخلاف والفتور أصاب علاقة سكايلر بصديقتيها , الظاهر أن سبب الخلاف هو اكتشاف سكايلر لوجود علاقة جنسية مثلية بين شيلا وراشيل , كان على سكايلر أن تكتم السر , لكنها راحت تتحدث , ولو بشكل غير مباشر , عن ذلك في صفحتها على تويتر مما جعل شيلا وراشيل تضمران لها الشر وتنويان إسكاتها بأي وسيلة كانت .
النفور بين الصديقات الثلاث وصل مرحلة القطيعة تقريبا , وأخذت سكايلر توطد علاقتها بأصدقاء آخرين وتبتعد عن شيلا وراشيل . لكن في ليلة السادس من تموز / يوليو 2012 تلقت سكايلر اتصالا من شيلا في ساعة متأخرة من الليل تدعوها لأن تنضم إليها هي وراشيل للقيام بنزهة بالسيارة حول المدينة ولكي يدخنا بعض الحشيشة , في البداية رفضت سكايلر الخروج معهما , لكن بعد عدة مكالمات وإلحاح من شيلا وافقت سكايلر أخيرا , وعند الساعة الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل توقفت شيلا بسيارتها التويوتا البيضاء أمام منزل سكايلر التي تسللت خلسة من نافذة غرفتها وذلك لكي لا يشعر أبواها بخروجها وركبت مع الفتاتين في المقعد الخلفي للسيارة .
شيلا انطلقت بالسيارة إلى خارج المدينة وبعد أن قادت لبعض الوقت في طرق خارجية سريعة انعطفت إلى طريق ترابي داخل غابة وتوقفت عند بقعة معزولة ومخفية جيدا بين الأشجار , في الواقع لم تكن تلك المرة الأولى التي تأتي فيها الفتيات إلى هذه المكان , فهذه البقعة كانت بمثابة وكرهن السري لتدخين الحشيشة من حين لآخر .
سكايلر نزلت من السيارة باطمئنان تام وهي لا تعلم ما يدبر لها , لم يخطر على بالها أبدا بأن كلا من صديقتيها تخفي سكينا كبيرة تحت طيات ملابسها . ووفقا للخطة المعدة مسبقا بين شيلا وراشيل , فقد تظاهرت شيلا بأنها تعجز عن إشعال سيجارتها لأن قداحتها (الولاعة) لا تعمل , فطلبت من سكايلر أن تذهب إلى السيارة لتأتي بقداحة أخرى , وما أن نهضت سكايلر من مكانها وأعطت ظهرها للفتاتين حتى بدأت شيلا العد : " واحد .. اثنان" .. كانت تلك هي الإشارة المتفق عليها بينها وبين راشيل , وما أن وصلت إلى الرقم ثلاثة حتى أخرجت الفتاتين السكاكين من تحت طيات ثيابهن وهاجمن سكايلر بكل قسوة ورحن يطعنها المرة تلو الأخرى , كان الهجوم مفاجئا ومباغتا بالنسبة لسكايلر التي سقطت أرضا وراحت تتلوى وهي تتلقى الطعنات تباعا , في البداية لم تدرك ما يحدث , لكن نصول تلك السكاكين الباردة التي راحت تنغرز عميقا في جسدها أفهمتها بأن الأمر ليس بمزحة , فأنطلق الأدرينالين في عروقها غزيرا فمنحها قوة الوقوف على قدميها رغم جروحها النازفة , وركضت بكل ما أوتيت من قوة في محاولة منها للهرب , لكنها للأسف لم تبتعد كثيرا , إذ كانت تعرج نتيجة جرح في فخذها فتمكنت راشيل من اللحاق بها وطعنتها في ظهرها فأسقطتها أرضا , ثم لحقت بهما شيلا , واستأنفت الفتاتان طعن سكايلر بلا توقف , ورغم كل جراحها تمكنت سكايلر أثناء الهجوم من أن تأخذ السكين من يد راشيل ووجهت لها ضربة على فخذها , فسقطت راشيل , لكن شيلا لم تتوقف , استمرت بالطعن حتى تأكدت بأن سكايلر فارقت الحياة .
سكايلر تعرضت لأكثر من ستين طعنة , وخلال هذا الهجوم الوحشي الذي أستمر لعدة دقائق لم تنطق سكايلر سوى بكلمة واحدة : "لماذا ؟!" .. أعادتها وكررتها مع كل طعنة كانت تتلقاها من صديقتيها .
شيلا وراشيل خططتا لكل شيء مسبقا , أحضرتا معهن ملابس جديدة وسوائل تنظيف وجاروف لكي تحفران قبرا لسكايلر وتدفناها , لكن تربة تلك البقعة كانت صخرية فلم تتمكنا من حفرها , فقامتا برص بعض الحجارة وأغصان الأشجار فوق جثة سكايلر ثم غيرتا ملابسهما وقفلتا عائدتين إلى المدينة .
في صباح اليوم التالي اكتشف والدا سكايلر اختفاء أبنتهم فأبلغا الشرطة . تسجيل كاميرا المراقبة في منزل سكايلر أظهرها وهي تتسلل ليلا وتصعد إلى السيارة مع شيلا وراشيل . وبالتحقيق مع شيلا قالت بأنها فعلا حضرت بصحبة راشيل واصطحبت سكايلر معهما بالسيارة لكنها أعادتها وأنزلتها في مكان لا يبعد كثيرا عن منزلها قرابة الساعة الثالثة فجرا . وأكدت راشيل تلك الرواية وكان كلامهما متطابقا .
طبعا لم يشك أحد في كلام الفتاتين , خصوصا والدا سكايلر , كان من سابع المستحيلات بالنسبة لهما أن يشكا في شيلا .. هل من المعقول أن تكون شيلا هي التي قتلت أبنتهما .. شيلا الطيبة التي لم تنفك منذ أن اختفت سكايلر على زيارتهما ومواساتهما ومساعدتهما بالبحث عنها ونشر الملصقات في أرجاء المدينة .. شيلا التي كانت تجهش بالبكاء كلما أتى أحد على ذكر سكايلر أمامها .. هل يعقل أن تكون هي القاتلة ؟ .
في الحقيقة قدرة وموهبة بعض النساء على تزييف مشاعرهن تثير الدهشة , وشيلا كانت أستاذة في هذا المجال على الرغم من صغر سنها , لكن لسوء حظها فأن زميلتها وشريكتها في الجريمة , أي راشيل , لم تكن كذلك . راشيل كانت ضعيفة , الخوف من انكشاف أمرهما وربما تأنيب الضمير أدى بالنهاية إلى إصابتها بانهيار عصبي بعد مرور ستة أشهر على الجريمة , يبدو بأنها لم تعد تتحمل إبقاء السر في صدرها لفترة أطول , لذلك اعترفت بكل شيء لعائلتها , وذهب محامي العائلة إلى الشرطة وكشف عن كل شيء .
تم إلقاء القبض على شيلا ثم قامت الفتاتان باقتياد الشرطة إلى مكان الجريمة وكشفتا عن جثة سكايلر . وبسؤالهما عن سبب قتلهما لسكايلر أكتفن بالقول : " لم نعد نرغب في صداقتها " .
فظاعة الجريمة وطبيعة وسن وجنس مرتكبيها تسبب بصدمة كبيرة للرأي العام , كيف لفتيات جميلات ورقيقات أن يقترفن جريمة بهذه البشاعة والقسوة ؟ . اكبر المصدومين كانا والدا سكايلر , إذ لم يتصورا للحظة بأن شيلا هي قاتلة أبنتهم . شيلا كانت ممثلة من الطراز الأول , يمكنها أن تبدو متأثرة وحزينة لكنها من الداخل باردة المشاعر لأبعد الحدود , وقد ظهر ذلك جليا خلال محاكمتها , على العكس من راشيل التي بدت منهارة .
تمت محاكمة الفتاتين , وجهت تهمة القتل العمد من الدرجة الأولى لشيلا ونالت حكما بالسجن مدى الحياة مع عدم أمكانية الحصول على أي عفو قبل أن تقضي 15 عاما في السجن . أما راشيل فقد وجهت لها تهمة القتل العمد من الدرجة الثانية ونالت حكما بالسجن لمدة 30 عاما مع عدم أمكانية الحصول على أي عفو قبل مرور 10 سنوات .
شخصية سيكوباتية
بحسب الأطباء النفسيين الذين تعاملوا مع الفتاتين القاتلتين خلال التحقيق للتأكد من سلامتهن العقلية فأن شيلا هي خير مثال على الشخصية السيكوباتية (Psychopathy ) , لا أوقعك الله عزيزي القارئ يوما في طريق أحد المصابين بهذه الآفة النفسية المعقدة , فهم ممثلون بارعون , أشخاص يستحيل أن تشك فيهم لحظة عندما تتعرف عليهم أول مرة , لسانهم يقطر عسلا , يظهرون من الطيبة واللطف والشهامة والمشاعر الجياشة ما يجعلك تظن بأنهم في مصاف الملائكة , وربما تقع في حبهم , أساتذة وعباقرة في التلاعب بمشاعر الآخرين وتقديم الوعود البراقة ... لكن داخلهم أجوف وبارد .. عديمي الضمير , ليست لديهم مشاعر لكنهم يتعلمون كيف يكتسبونها منذ الصغر عن طريق تقليد مشاعر الآخرين , فالطفل السيكوباتي مثلا يرى أقرانه ينالون ما يريدون بالبكاء أو بإظهار الأدب والطاعة , فيقوم هو أيضا بتقليد هذه الأمور لتحقيق مآربه من دون أي شعور أو التزام حقيقي .
افتقاد المشاعر يجعل من السيكوباتي شخصا متهورا ولا يمكن التنبؤ بأفعاله إلى درجة خطيرة , فهو لا يعرف الخوف , ولديه صلف وجرأة , ولا يتحمل مسئولية أفعاله , وليس لديه قدرة على التعاطف أو الندم , نعم هو قد يتظاهر بالندم أحيانا وقد تمتلئ عيونه بالدموع لكنه في داخله يضحك! . هو شخص عدواني لأبعد الحدود يعشق السيطرة ويستمتع بإيذاء الآخرين , وقد يقوم بأمور مشينة لا لهدف أو فائدة وإنما لمجرد الإيذاء , قد يشعل حريقا في منزلك ويكون هو في طليعة الساعين لإطفائه ! .. هو بارع جدا بالتظاهر , ويبدو في نظر الآخرين سوي وطبيعي جدا , مع أنه عديم الأخلاق والمبادئ وأناني وانتهازي إلى أبعد الحدود , مصلحته تأتي في المقام الأول حتى ولو على حساب أقرب الناس إليه , ولديه قدرة عجيبة على الكذب وتقمص أي دور يوصله إلى مآربه , الغاية لديه تبرر الوسيلة , مفرط في نرجسيته . يصعب اكتشافه والإيقاع به بسبب قدرته العجيبة على التظاهر والتمثيل .
بعض السيكوباتيين أذكياء , قد يكتسبون تعليما عاليا ووظائف مهمة ونفوذا ومكانة في المجتمع , وقد يتظاهرون بالروع والفضيلة , ولعلك تعيش معهم لسنوات من دون أن تكتشفهم , وقد تحسبهم مثالك الأعلى في الحياة , وقد تظن بأنهم أقرب الناس إليك وأكثرهم حرصا عليك لكنهم في الحقيقة سبب جميع مشاكلك .
بحسب بعض الإحصاءات فأن واحدا من بين كل مائة إنسان يحمل جينات سيكوباتية , وحوالي ربع المجرمين في العالم هم من ذوي الشخصية السيكوباتية , لكن درجة الاعتلال تختلف من شخص لآخر حسب البيئة والذكاء والتعليم , البعض لديهم ميول بسيطة أو ثانوية , والبعض الآخر سيكوباتي من الطراز الأول , وهؤلاء لديهم استعداد على أن يضعوا السم في طعامك ثم يأخذوك للطبيب بأنفسهم ويتظاهروا بالحرص والخوف عليك وقد يذرفون الدموع بقربك لشدة تعاطفهم . لكنهم في دواخلهم لا يملكون ذرة ندم أو تعاطف ويستمتعون كثيرا وهم يروك تتلوى من الألم الذي ينهش أحشاءك .
وهنا قد تتساءل عزيزي القارئ كيف يمكن أن أكتشف وأفضح ذوي الشخصية السيكوباتية ؟ .. هل هناك نموذج معين ؟
إذا كنت من عشاق أفلام الأسود والأبيض فأظن بأن الفنان الراحل محمود المليجي هو أفضل من جسد وتقمص الشخصية السيكوباتية في السينما العربية , الرجل الأنيق اللبق ذو المظهر المحترم الذي يتظاهر بالطيبة لكنه في الواقع شرير للغاية . وكما قلت آنفا فأن اكتشاف السيكوباتي ليس أمرا سهلا , فهو ممثل بارع , لكن هناك علامات وإشارات , وببحثي على النت ووجدت موقعا يوضح مواصفات الشخص السيكوباتي بطريقة مبسطة بالصور , وإليك الرابط عزيزي القارئ :
How to Identify a Psychopath
هناك أيضا مواقع تقدم خدمة اختبار لشخصيتك للتعرف على مقدار الميول السيكوباتية لديك وذلك عبر الإجابة عن بعض الأسئلة .. أنا شخصيا جربت واحدا من هذه الاختبارات وظهر أن لدي ميول سيكوباتية من الدرجة الثانية ! .
ختاما ..
أرجوا أن لا يخشى أحد الدخول إلى المرحاض بعد قراءة هذه القصة , أقول هذا لأني كتبت بعض القصص المرعبة في السابق وجاءتني تعليقات تلومني على إرعاب صغار السن وكيف أن البعض منهم أصبحوا يخشون دخول الحمام , وأنا في الحقيقة لا أريد أن أشعر بالذنب وتأنيب الضمير , لهذا أقول بأن سقوطك عزيزي القارئ داخل المرحاض وانزلاقك عبر فتحته الضيقة وأنابيبه المستدقة وصولا إلى البالوعة هو المحال بعينه . وبصراحة شديدة فأن أسطورة كارمن وينستيد الأصلية لا تتحدث عن السقوط داخل المرحاض ولا أدري من أين خطرت على بالي هذه الفكرة المجنونة فأضفتها من عندي , ربما من بعض الأساطير اليابانية التي ظلت عالقة بذهني . وبرأيي المتواضع فأن الأشباح والعفاريت ليست مخيفة ولا مؤذية بقدر بعض البشر المرضى نفسيا ممن هم على شاكلة شيلا إيدي , والمراحيض أطهر كثيرا وأنظف من بعض "الأصدقاء" المنافقين والغدارين الذين يطعنون في الظهر .. فأحرص على أن تنتخب أصدقاءك بعناية ولا تدع الكلام المعسول والمظاهر البراقة تخدعك .
كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل , دخلت هايدي إلى الحمام قبل أن تخلد للنوم , رفعت ثوبها وجلست بهدوء فوق كرسي المرحاض , كانت الوحيدة التي ما تزال مستيقظة في تلك الساعة المتأخرة , أهلها ناموا منذ ساعتين , وهناك سكون عميق يخيم على المنزل برمته . كان النعاس قد أثقل جفونها حتى كادت أن تغفو فوق كرسي المرحاض لولا أنها انتبهت مفزوعة لما بدا كأنه ضحكات مكتومة تأتي من مكان ما داخل الحمام , لوهلة حسبت بأنها تتوهم , لكن تلك الضحكات زادت وضوحا وصاحبتها همهمة وضجة مبهمة كأنما هناك شيء يتخبط داخل أنابيب ومواسير الحمام . رعب شديد تملك هايدي عندما بدأت تدرك بأن مصدر الأصوات هو المرحاض الذي تجلس عليه ... نعم هناك شيء ما يتكلم ويتحرك أسفل منها ! أرادت أن تقوم , لكنها لم تستطع ! كأنما هناك شيء يتمسك بها ويثبتها بقوة إلى المرحاض , فراحت تصرخ كالمجنونة طلبا للنجدة .
والدا هايدي استيقظا من النوم فزعين على صراخ هايدي فهرعا إليها , طرقا باب الحمام مرارا لكنهما لم يسمعا سوى صراخ أبنتهم وعويلها المخيف , أخيرا قام الأب بكسر الباب , ولشدة دهشتهم كان الحمام فارغا تماما وليس هناك أي أثر لهايدي .. بحثا عنها في البيت بأسره لكن من دون فائدة . أخيرا اتصلا بالشرطة فحضروا على وجه السرعة وشرعوا بتفتيش المنزل , لكن هم أيضا لم يعثروا على شيء , لقد اختفت هايدي وتلاشت تماما . لكن أثناء بحث وتفتيش أفراد الشرطة حول المنزل أنتبه أحدهم إلى بلاعة في الفناء كان الغطاء قد رفع عنها , فأقترب الشرطي ووجه نور كشافه إلى داخل البلاعة وهاله ما شاهدت عيناه , إذ كانت هايدي تقبع في قعر تلك البلاعة جثة هامدة ! قدماها نحو الأعلى ورأسها إلى الأسفل , رقبتها مكسورة وعيناها مفتوحتان تحدقان برعب نحو الأعلى , والأكثر رعبا كان وجهها , إذ اختفى تماما كأنما قام أحدهم بسلخه بالكامل .
في اليوم التالي أنتشر خبر مقتل هايدي في مدرستها الثانوية كالنار في الهشيم , جميع الطالبات كن مرعوبات لما حل بزميلتهن , لكن كانت هناك أربع منهن هن الأكثر رعبا , خصوصا بعد أن علمن بأن الجثة عثر عليها في بلاعة , فتأكدن بأن موتها لم يكن قضاء ولا قدرا وأنه مرتبط بجريمة مروعة اقترفت بكل خسة ونذالة قبل عدة أشهر وأفلت منفذوها من العقاب . ولم يطل الوقت حتى واجهت تلكم الطالبات الأربع نفس مصير هايدي , اختفين واحدة تلو الأخرى وتم العثور على جثثهن في قعر بالوعة .
الشرطة وقفت حائرة أمام هذه الحوادث المبهمة , إذ كيف يمكن أن يتم سحب شخص ما عبر المرحاض ثم يعثر على جثته داخل بالوعة ؟ صحيح أن المرحاض مرتبط بالبالوعة , لكن كيف لجسد إنسان بالغ أن يمر عبر فتحة المرحاض الصغيرة ؟!! .. بالطبع لا يمكن أن يحدث ذلك في عالم الواقع الذي تحكمه قوانين فيزيائية متعلقة بالكتلة والحجم والاحتكاك , لكن عندما يتعلق الأمر بعالم ما وراء الطبيعة , بالجن والأشباح والأرواح الشريرة .. فكل شيء ممكن .. وقصتنا هذه بالذات لها علاقة وثيقة بالعالم الآخر . ومن اجل أن نفهم طبيعة هذه العلاقة وحقيقة ما جرى فالأجدر بنا أن نعود بالزمن عدة أشهر إلى الوراء , أي قبل مقتل هايدي وزميلاتها , بالتحديد إلى اللحظة التي انضمت فيها طالبة جديدة لمدرستهن الثانوية .
تلك الطالبة كان أسمها كارمن وينستيد , انتقلت مؤخرا إلى المدينة قادمة من ولاية أخرى بسبب ظروف عمل والدها . كانت طالبة متميزة ومحبوبة في مدرستها السابقة لكنها واجهت صعوبة في التأقلم مع المدرسة الجديدة ولم تستطع أن تبني صداقات مع زملاءها الجدد بسهولة , ولسوء حظها فقد تعرفت بعد فترة على مجموعة "شلة" من خمس طالبات متميزات بجمالهن وأناقتهن ومستواهن الاجتماعي الراقي , لكنهن أيضا مغرورات ومتعاليات يهوين السخرية من الجميع . وكانت هايدي هي زعيمة تلك الشلة .
كارمن كانت سعيدة جدا بانضمامها لهذه الشلة المتألقة التي كانت محط أنظار المدرسة , وفي محاولة منها للتقرب أكثر من صديقاتها الجديدات , أو بالأحرى من حسبت بأنهن صديقاتها , فقد باحت لهن ببعض أسرارها الشخصية , وللأسف لم يطل الوقت حتى أصبحت هذه الأسرار على كل لسان داخل المدرسة , وأصبحت كارمن تتعرض للسخرية من قبل بقية الطلاب , وحتى من المعلمات ! وحين عاتبت كارمن صديقاتها في تلك الشلة المتعالية على إفشاء أسرارها حدثت مشاجرة معها انتهت بطردها من الشلة وأهانتها . ومنذ ذلك الحين صارت كارمن تتعرض للسخرية والتحقير بشكل يومي من قبل الطالبات الخمس الشريرات حتى تحولت حياتها إلى جحيم . كانت تترك كتبها ودفاترها في الصف خلال الاستراحة فتعود لتجدها ممزقة ومشوهة بكتابات قذرة وشتائم , وأحيانا تفتح حقيبتها المدرسية لتجد بأن أحدهم سكب كمية كبيرة من الزبادي داخلها , ومرة وضعوا براز كلب في ملابسها خلال حصة الرياضة , ومرة قاموا بلصق ورقة على ظهرها من دون أن تشعر مكتوب عليها "عاهرة" وجعلوا الجميع يضحكون عليها , وقاموا أيضا بكسر خزانتها وعبثوا بأغراضها الخاصة وبعثروها .
وكأن كل هذا الأذى لم يكفي لإشباع غرور وعنجهية فتيات الشلة الشريرة فأردن تحقير كارمن أكثر , خصوصا بعدما علمن بأنها اشتكت لإحدى المدرسات منهن . وقد واتتهن الفرصة ذات يوم عندما كان هناك تمرين على الحريق داخل المدرسة مما يستوجب خروج جميع الطلاب بسرعة من الصفوف وتجمعهم في باحة المدرسة , هنا خطرت لهايدي فكرة جهنمية وشريرة جدا , ونالت تلك الفكرة أعجاب صديقاتها على الفور فقررن وضعها موضع التنفيذ , كان هدفهن هو إهانة كارمن والسخرية منها أمام المدرسة بأسرها , فأنتهزن فرصة الصخب الذي رافق تزاحم وتجمع الطلاب في باحة المدرسة وقمن برفع الغطاء المعدني المدور الذي يغطي إحدى البالوعات ثم هاجمن كارمن المسكينة وجررنها من شعرها بكل قسوة ودفعنها إلى داخل تلك البالوعة .
وبعد انتهاء التمرين وتجمع الطلبة في الباحة راحت المديرة تنادي بأسماءهم واحدا تلو الآخر ليعودوا إلى صفوفهم , لكنها حين نادت بأسم كارمن لم تسمع جوابا , فكررت النداء بدون فائدة , أخيرا صرخت بالمكريفون بنفاذ صبر وغضب : " أين أنتِ يا كارمن ؟ " .
فصاحت طالبة من بين الجموع : " إنها في البالوعة !" .
فضجت المدرسة بالضحك , حتى المديرة ابتسمت وقالت عبر الميكرفون : "هيا كارمن أخرجي .. كفى لعبا " .
لكن كارمن لم تخرج رغم النداءات المتكررة , فسارت المديرة بغضب نحو البالوعة المفتوحة , وما أن نظرت داخلها حتى أطلقت صرخة رعب مدوية , فهرع الجميع ليلقوا نظرة , ولقد كان ما رأوه مخيفا بحق , لقد شاهدوا كارمن وهي تقبع بدون حراك في قعر البالوعة , يبدو أنها سقطت على رأسها عندما قاموا بدفعها بالقوة إلى داخل البالوعة مما أدى إلى كسر رقبتها وأصابتها بجروح غائرة أدمت وجهها نتيجة اصطدامها العنيف بالأرضية الخرسانية لقعر البالوعة , كانت رقبتها مكسورة بشكل مروع إلى درجة أن رأسها استدار 180 درجة إلى الخلف فأصبح وجهها في قافاها ! وكانت تنظر إلى الأعلى بعينين مفتوحتين وهناك تعبير مؤثر على وجهها المغطى بالدم , كأنها تقول لمن يراها : " بماذا أذنبت لكي تفعلوا بي هذا ؟ " .
الشرطة حضرت إلى المدرسة وتم أخراج جثة كارمن من البالوعة وسلمت لأهلها , والغريب أنه حتى في دفنها لم يأت أحد من زملائها لمواساة والديها , ولذلك ما أن انتهت مراسم العزاء حتى باع والدا كارمن منزلهما وتركوا إلى الأبد تلك المدينة الشريرة الآثمة .
المحققون حاولوا معرفة سبب سقوط كارمن في البلاعة , وعلى الرغم من أن العديد من الطلاب شاهدوا الفتيات الخمسة وهن يدفعن كارمن بكل قسوة وهمجية إلى داخل البالوعة إلا أن أيا منهم للأسف لم يتقدم للشهادة , مما أدى بالنهاية إلى غلق القضية وتسجيلها على أنها قضاء وقدر ونسى الجميع ما كان من أمر كارمن واستأنفوا حياتهم بشكل طبيعي .
لكن لم تمر سوى عدة أسابيع على موت كارمن حتى تعرضت هايدي , زعيمة شلة الفتيات الخمسة الشريرات , للموت بأبشع صورة عندما كانت في حمام منزلها وتم العثور على جثتها في البالوعة كما ذكرنا بالتفصيل في مقدمة القصة , ولم يطل الوقت حتى لحقت بها زميلاتها الأربع بنفس الطريقة .
وليت الأمر توقف عند هذا الحد .. فالشائعات تقول بأن روح كارمن الغاضبة , أو ربما قرينتها , سكنت المكان الذي قتلت فيه , أي البالوعات ومجاري الصرف الصحي ! .. وهي تسعى للانتقام من كل الذين شاركوا في قتلها أو شاهدوا أو سمعوا بالسبب الحقيقي لموتها ولم يتكلموا , وأن هذه الروح أو القرينة الغاضبة تتنقل عبر أنابيب المياه والمواسير من منزل لآخر لكي تنجز انتقامها , ولهذا فأن مسلسل اختفاء وموت الطلاب والعثور على جثثهم في البالوعة أستمر حتى بعد مقتل الفتيات الخمسة , فالعشرات من طلاب تلك المدرسة ماتوا بهذه الطريقة البشعة مما اضطر إدارة التربية والتعليم في المدينة إلى إغلاق المدرسة نهائيا .
ليس هذا فحسب , يقال بأن جميع الطلبة المتنمرين الذين يؤذون زملائهم بلا وجه حق ويستمتعون بالسخرية منهم قد يتعرضون للموت بنفس الطريقة البشعة , يتم شفطهم عبر أنابيب المرحاض ويعثر لاحقا على جثثهم المشوهة في البالوعة وقد تم سلخ وجوههم بالكامل ! . لذا عليك بالحذر عزيزي القارئ .. لا تؤذ زملائك , ولا تسخر منهم , ولا تقم بتحقيرهم .. أما لو كنت ممن يستمتعون بفعل هذه الأمور السيئة فأنصحك بتجنب الجلوس على المرحاض , سواء كان مرحاضكم شرقي أو غربي , فمن يعلم أي يد قد تمتد على حين الغرة من تلك الفتحة الصغيرة أسفلك فتسحبك إلى الداخل وينتهي بك المطاف في بالوعة قذرة مليئة بالمياه الآسنة .
لكن مهلا ! .. هل هذه القصة حقيقة ؟ ..
لا أدرى , هي من الأساطير الشعبية الشهيرة في أمريكا .. والأساطير الشعبية عزيزي القارئ هي قصص يرويها الناس عن أمور وحوادث غريبة ومرعبة يقال بأنها وقعت فعلا لكن لا يمكن التأكد من صحتها وحقيقتها . هناك بعض الأساطير الشعبية لها جذور حقيقية , وبعضها الآخر مجرد فبركة . شخصيا أظن بأنه من غير الممكن أن يتم شفط إنسان عبر فتحة المرحاض ليتم العثور عليه لاحقا ميتا في بلاعة !! . لكن من ناحية أخرى فأن الـ "بنوتات" الشريرات أمثال هايدي وزميلاتها لسن مجرد أسطورة , فهن موجودات في عالم الواقع , وأعتقد بأن العديد منا مروا خلال حياتهم الدراسية بمثل هذه النماذج المؤذية والمتنمرة .
في عالم البنات غالبا ما يكون العنف النفسي هو الغالب ونادرا ما يتعداه إلى الاحتكاك الجسدي العنيف كذلك الموجود في عالم الأولاد , خصوصا ذلك العنف الذي يرقى إلى مستوى الإجرام , لكن هذا العالم الواسع لا يخلو أيضا من قصص عجيبة ونادرة لفتيات ظاهرهن الرقة وباطنهن القسوة أقدمن على جرائم بشعة ومروعة بحق زميلاتهن وصديقاتهن لأسباب تافهة غالبا ما تنحصر في نطاق الغيرة والحسد والنميمة , كما حدث في ولاية فرجينيا الغربية الأمريكية عام 2012 حين قامت كل من شيلا إيدي – 17 عاما – و راشيل شوف – 16 عاما – باستدراج صديقتهن وزميلتهن في المدرسة سكايلر نيز – 16 عاما – إلى الغابة وقمن بقتلها طعنا بالسكاكين .
الفتيات الثلاث كن صديقات مقربات جدا , خصوصا سكايلر وشيلا حيث كانت صداقتهن تعود لعهد الطفولة , وكان والدا سكايلر يعتبران شيلا بمثابة ابنة ثانية لهم , أما راشيل فقد تعرفت عليها سكايلر قبل سنتين فقط من مقتلها , وهي بالأساس , أي راشيل , كانت صديقة شيلا .
الصديقات الثلاث كن دائما مع بعض سواء في المدرسة أو خارجها ويتبادلن الزيارات في منازلهن بأستمرار , والمفارقة هو أن كل واحدة منهن كانت الابنة الوحيدة لعائلتها .
وكما يحدث في الكثير من الصداقات فأن بعض الخلاف والفتور أصاب علاقة سكايلر بصديقتيها , الظاهر أن سبب الخلاف هو اكتشاف سكايلر لوجود علاقة جنسية مثلية بين شيلا وراشيل , كان على سكايلر أن تكتم السر , لكنها راحت تتحدث , ولو بشكل غير مباشر , عن ذلك في صفحتها على تويتر مما جعل شيلا وراشيل تضمران لها الشر وتنويان إسكاتها بأي وسيلة كانت .
النفور بين الصديقات الثلاث وصل مرحلة القطيعة تقريبا , وأخذت سكايلر توطد علاقتها بأصدقاء آخرين وتبتعد عن شيلا وراشيل . لكن في ليلة السادس من تموز / يوليو 2012 تلقت سكايلر اتصالا من شيلا في ساعة متأخرة من الليل تدعوها لأن تنضم إليها هي وراشيل للقيام بنزهة بالسيارة حول المدينة ولكي يدخنا بعض الحشيشة , في البداية رفضت سكايلر الخروج معهما , لكن بعد عدة مكالمات وإلحاح من شيلا وافقت سكايلر أخيرا , وعند الساعة الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل توقفت شيلا بسيارتها التويوتا البيضاء أمام منزل سكايلر التي تسللت خلسة من نافذة غرفتها وذلك لكي لا يشعر أبواها بخروجها وركبت مع الفتاتين في المقعد الخلفي للسيارة .
شيلا انطلقت بالسيارة إلى خارج المدينة وبعد أن قادت لبعض الوقت في طرق خارجية سريعة انعطفت إلى طريق ترابي داخل غابة وتوقفت عند بقعة معزولة ومخفية جيدا بين الأشجار , في الواقع لم تكن تلك المرة الأولى التي تأتي فيها الفتيات إلى هذه المكان , فهذه البقعة كانت بمثابة وكرهن السري لتدخين الحشيشة من حين لآخر .
سكايلر نزلت من السيارة باطمئنان تام وهي لا تعلم ما يدبر لها , لم يخطر على بالها أبدا بأن كلا من صديقتيها تخفي سكينا كبيرة تحت طيات ملابسها . ووفقا للخطة المعدة مسبقا بين شيلا وراشيل , فقد تظاهرت شيلا بأنها تعجز عن إشعال سيجارتها لأن قداحتها (الولاعة) لا تعمل , فطلبت من سكايلر أن تذهب إلى السيارة لتأتي بقداحة أخرى , وما أن نهضت سكايلر من مكانها وأعطت ظهرها للفتاتين حتى بدأت شيلا العد : " واحد .. اثنان" .. كانت تلك هي الإشارة المتفق عليها بينها وبين راشيل , وما أن وصلت إلى الرقم ثلاثة حتى أخرجت الفتاتين السكاكين من تحت طيات ثيابهن وهاجمن سكايلر بكل قسوة ورحن يطعنها المرة تلو الأخرى , كان الهجوم مفاجئا ومباغتا بالنسبة لسكايلر التي سقطت أرضا وراحت تتلوى وهي تتلقى الطعنات تباعا , في البداية لم تدرك ما يحدث , لكن نصول تلك السكاكين الباردة التي راحت تنغرز عميقا في جسدها أفهمتها بأن الأمر ليس بمزحة , فأنطلق الأدرينالين في عروقها غزيرا فمنحها قوة الوقوف على قدميها رغم جروحها النازفة , وركضت بكل ما أوتيت من قوة في محاولة منها للهرب , لكنها للأسف لم تبتعد كثيرا , إذ كانت تعرج نتيجة جرح في فخذها فتمكنت راشيل من اللحاق بها وطعنتها في ظهرها فأسقطتها أرضا , ثم لحقت بهما شيلا , واستأنفت الفتاتان طعن سكايلر بلا توقف , ورغم كل جراحها تمكنت سكايلر أثناء الهجوم من أن تأخذ السكين من يد راشيل ووجهت لها ضربة على فخذها , فسقطت راشيل , لكن شيلا لم تتوقف , استمرت بالطعن حتى تأكدت بأن سكايلر فارقت الحياة .
سكايلر تعرضت لأكثر من ستين طعنة , وخلال هذا الهجوم الوحشي الذي أستمر لعدة دقائق لم تنطق سكايلر سوى بكلمة واحدة : "لماذا ؟!" .. أعادتها وكررتها مع كل طعنة كانت تتلقاها من صديقتيها .
شيلا وراشيل خططتا لكل شيء مسبقا , أحضرتا معهن ملابس جديدة وسوائل تنظيف وجاروف لكي تحفران قبرا لسكايلر وتدفناها , لكن تربة تلك البقعة كانت صخرية فلم تتمكنا من حفرها , فقامتا برص بعض الحجارة وأغصان الأشجار فوق جثة سكايلر ثم غيرتا ملابسهما وقفلتا عائدتين إلى المدينة .
في صباح اليوم التالي اكتشف والدا سكايلر اختفاء أبنتهم فأبلغا الشرطة . تسجيل كاميرا المراقبة في منزل سكايلر أظهرها وهي تتسلل ليلا وتصعد إلى السيارة مع شيلا وراشيل . وبالتحقيق مع شيلا قالت بأنها فعلا حضرت بصحبة راشيل واصطحبت سكايلر معهما بالسيارة لكنها أعادتها وأنزلتها في مكان لا يبعد كثيرا عن منزلها قرابة الساعة الثالثة فجرا . وأكدت راشيل تلك الرواية وكان كلامهما متطابقا .
طبعا لم يشك أحد في كلام الفتاتين , خصوصا والدا سكايلر , كان من سابع المستحيلات بالنسبة لهما أن يشكا في شيلا .. هل من المعقول أن تكون شيلا هي التي قتلت أبنتهما .. شيلا الطيبة التي لم تنفك منذ أن اختفت سكايلر على زيارتهما ومواساتهما ومساعدتهما بالبحث عنها ونشر الملصقات في أرجاء المدينة .. شيلا التي كانت تجهش بالبكاء كلما أتى أحد على ذكر سكايلر أمامها .. هل يعقل أن تكون هي القاتلة ؟ .
في الحقيقة قدرة وموهبة بعض النساء على تزييف مشاعرهن تثير الدهشة , وشيلا كانت أستاذة في هذا المجال على الرغم من صغر سنها , لكن لسوء حظها فأن زميلتها وشريكتها في الجريمة , أي راشيل , لم تكن كذلك . راشيل كانت ضعيفة , الخوف من انكشاف أمرهما وربما تأنيب الضمير أدى بالنهاية إلى إصابتها بانهيار عصبي بعد مرور ستة أشهر على الجريمة , يبدو بأنها لم تعد تتحمل إبقاء السر في صدرها لفترة أطول , لذلك اعترفت بكل شيء لعائلتها , وذهب محامي العائلة إلى الشرطة وكشف عن كل شيء .
تم إلقاء القبض على شيلا ثم قامت الفتاتان باقتياد الشرطة إلى مكان الجريمة وكشفتا عن جثة سكايلر . وبسؤالهما عن سبب قتلهما لسكايلر أكتفن بالقول : " لم نعد نرغب في صداقتها " .
فظاعة الجريمة وطبيعة وسن وجنس مرتكبيها تسبب بصدمة كبيرة للرأي العام , كيف لفتيات جميلات ورقيقات أن يقترفن جريمة بهذه البشاعة والقسوة ؟ . اكبر المصدومين كانا والدا سكايلر , إذ لم يتصورا للحظة بأن شيلا هي قاتلة أبنتهم . شيلا كانت ممثلة من الطراز الأول , يمكنها أن تبدو متأثرة وحزينة لكنها من الداخل باردة المشاعر لأبعد الحدود , وقد ظهر ذلك جليا خلال محاكمتها , على العكس من راشيل التي بدت منهارة .
تمت محاكمة الفتاتين , وجهت تهمة القتل العمد من الدرجة الأولى لشيلا ونالت حكما بالسجن مدى الحياة مع عدم أمكانية الحصول على أي عفو قبل أن تقضي 15 عاما في السجن . أما راشيل فقد وجهت لها تهمة القتل العمد من الدرجة الثانية ونالت حكما بالسجن لمدة 30 عاما مع عدم أمكانية الحصول على أي عفو قبل مرور 10 سنوات .
شخصية سيكوباتية
بحسب الأطباء النفسيين الذين تعاملوا مع الفتاتين القاتلتين خلال التحقيق للتأكد من سلامتهن العقلية فأن شيلا هي خير مثال على الشخصية السيكوباتية (Psychopathy ) , لا أوقعك الله عزيزي القارئ يوما في طريق أحد المصابين بهذه الآفة النفسية المعقدة , فهم ممثلون بارعون , أشخاص يستحيل أن تشك فيهم لحظة عندما تتعرف عليهم أول مرة , لسانهم يقطر عسلا , يظهرون من الطيبة واللطف والشهامة والمشاعر الجياشة ما يجعلك تظن بأنهم في مصاف الملائكة , وربما تقع في حبهم , أساتذة وعباقرة في التلاعب بمشاعر الآخرين وتقديم الوعود البراقة ... لكن داخلهم أجوف وبارد .. عديمي الضمير , ليست لديهم مشاعر لكنهم يتعلمون كيف يكتسبونها منذ الصغر عن طريق تقليد مشاعر الآخرين , فالطفل السيكوباتي مثلا يرى أقرانه ينالون ما يريدون بالبكاء أو بإظهار الأدب والطاعة , فيقوم هو أيضا بتقليد هذه الأمور لتحقيق مآربه من دون أي شعور أو التزام حقيقي .
افتقاد المشاعر يجعل من السيكوباتي شخصا متهورا ولا يمكن التنبؤ بأفعاله إلى درجة خطيرة , فهو لا يعرف الخوف , ولديه صلف وجرأة , ولا يتحمل مسئولية أفعاله , وليس لديه قدرة على التعاطف أو الندم , نعم هو قد يتظاهر بالندم أحيانا وقد تمتلئ عيونه بالدموع لكنه في داخله يضحك! . هو شخص عدواني لأبعد الحدود يعشق السيطرة ويستمتع بإيذاء الآخرين , وقد يقوم بأمور مشينة لا لهدف أو فائدة وإنما لمجرد الإيذاء , قد يشعل حريقا في منزلك ويكون هو في طليعة الساعين لإطفائه ! .. هو بارع جدا بالتظاهر , ويبدو في نظر الآخرين سوي وطبيعي جدا , مع أنه عديم الأخلاق والمبادئ وأناني وانتهازي إلى أبعد الحدود , مصلحته تأتي في المقام الأول حتى ولو على حساب أقرب الناس إليه , ولديه قدرة عجيبة على الكذب وتقمص أي دور يوصله إلى مآربه , الغاية لديه تبرر الوسيلة , مفرط في نرجسيته . يصعب اكتشافه والإيقاع به بسبب قدرته العجيبة على التظاهر والتمثيل .
بعض السيكوباتيين أذكياء , قد يكتسبون تعليما عاليا ووظائف مهمة ونفوذا ومكانة في المجتمع , وقد يتظاهرون بالروع والفضيلة , ولعلك تعيش معهم لسنوات من دون أن تكتشفهم , وقد تحسبهم مثالك الأعلى في الحياة , وقد تظن بأنهم أقرب الناس إليك وأكثرهم حرصا عليك لكنهم في الحقيقة سبب جميع مشاكلك .
بحسب بعض الإحصاءات فأن واحدا من بين كل مائة إنسان يحمل جينات سيكوباتية , وحوالي ربع المجرمين في العالم هم من ذوي الشخصية السيكوباتية , لكن درجة الاعتلال تختلف من شخص لآخر حسب البيئة والذكاء والتعليم , البعض لديهم ميول بسيطة أو ثانوية , والبعض الآخر سيكوباتي من الطراز الأول , وهؤلاء لديهم استعداد على أن يضعوا السم في طعامك ثم يأخذوك للطبيب بأنفسهم ويتظاهروا بالحرص والخوف عليك وقد يذرفون الدموع بقربك لشدة تعاطفهم . لكنهم في دواخلهم لا يملكون ذرة ندم أو تعاطف ويستمتعون كثيرا وهم يروك تتلوى من الألم الذي ينهش أحشاءك .
وهنا قد تتساءل عزيزي القارئ كيف يمكن أن أكتشف وأفضح ذوي الشخصية السيكوباتية ؟ .. هل هناك نموذج معين ؟
إذا كنت من عشاق أفلام الأسود والأبيض فأظن بأن الفنان الراحل محمود المليجي هو أفضل من جسد وتقمص الشخصية السيكوباتية في السينما العربية , الرجل الأنيق اللبق ذو المظهر المحترم الذي يتظاهر بالطيبة لكنه في الواقع شرير للغاية . وكما قلت آنفا فأن اكتشاف السيكوباتي ليس أمرا سهلا , فهو ممثل بارع , لكن هناك علامات وإشارات , وببحثي على النت ووجدت موقعا يوضح مواصفات الشخص السيكوباتي بطريقة مبسطة بالصور , وإليك الرابط عزيزي القارئ :
How to Identify a Psychopath
هناك أيضا مواقع تقدم خدمة اختبار لشخصيتك للتعرف على مقدار الميول السيكوباتية لديك وذلك عبر الإجابة عن بعض الأسئلة .. أنا شخصيا جربت واحدا من هذه الاختبارات وظهر أن لدي ميول سيكوباتية من الدرجة الثانية ! .
ختاما ..
أرجوا أن لا يخشى أحد الدخول إلى المرحاض بعد قراءة هذه القصة , أقول هذا لأني كتبت بعض القصص المرعبة في السابق وجاءتني تعليقات تلومني على إرعاب صغار السن وكيف أن البعض منهم أصبحوا يخشون دخول الحمام , وأنا في الحقيقة لا أريد أن أشعر بالذنب وتأنيب الضمير , لهذا أقول بأن سقوطك عزيزي القارئ داخل المرحاض وانزلاقك عبر فتحته الضيقة وأنابيبه المستدقة وصولا إلى البالوعة هو المحال بعينه . وبصراحة شديدة فأن أسطورة كارمن وينستيد الأصلية لا تتحدث عن السقوط داخل المرحاض ولا أدري من أين خطرت على بالي هذه الفكرة المجنونة فأضفتها من عندي , ربما من بعض الأساطير اليابانية التي ظلت عالقة بذهني . وبرأيي المتواضع فأن الأشباح والعفاريت ليست مخيفة ولا مؤذية بقدر بعض البشر المرضى نفسيا ممن هم على شاكلة شيلا إيدي , والمراحيض أطهر كثيرا وأنظف من بعض "الأصدقاء" المنافقين والغدارين الذين يطعنون في الظهر .. فأحرص على أن تنتخب أصدقاءك بعناية ولا تدع الكلام المعسول والمظاهر البراقة تخدعك .