تبدأ رحلة البحث اليومية لمئات من الشباب في القاهرة باكراً عن "الاصطباحة". والاصطباحة باختصار هي سيجارة الحشيش.
يجري أحد الشباب مكالمة سريعة مع الديلر، أي الموزع الذي يتعامل معه، فيحضر له طلبه كل يوم أينما يريد داخل محيط توزيعه. يفاجأ الشاب بالديلر يخبره أن هناك نقصاً شديداً في مخدر الحشيش، والنوع المتوفر "فستك" أي مغشوش. لكن الديلر لا يترك الزبون كثيراً لحيرته فيعرض عليه نوعاً آخر من المخدرات، أغلى قليلاً لكن مفعوله أقوى، اسمه الشعبي المنتشر بين مروجيه ومتعاطيه "استروكس".
يجري أحد الشباب مكالمة سريعة مع الديلر، أي الموزع الذي يتعامل معه، فيحضر له طلبه كل يوم أينما يريد داخل محيط توزيعه. يفاجأ الشاب بالديلر يخبره أن هناك نقصاً شديداً في مخدر الحشيش، والنوع المتوفر "فستك" أي مغشوش. لكن الديلر لا يترك الزبون كثيراً لحيرته فيعرض عليه نوعاً آخر من المخدرات، أغلى قليلاً لكن مفعوله أقوى، اسمه الشعبي المنتشر بين مروجيه ومتعاطيه "استروكس".
يقول أحد متعاطي هذا المخدر، حسام.م: "هناك نوعان من الإستروكس، الأخضر وهو عبارة عن نبات البردقوش تضاف إليه المادة الفعالة عن طريق رشه. والنوع الثاني تبغ غولدن فيرجينيا، يُضاف إليه المخدر بالطريقة نفسها". يتابع: "لا تسمى سيجارة الإستروكس بكلمة "جوب" كالحشيش، إنما تسمى "إسبلف"، والإسبلفين أو السيجارتين بـ50 جنيهاً، بما يعادل 8 أنفاس للسيجارة الواحدة".
يؤكد حسام أنه من السهل أن تنقطع عن هذا المخدر عندما لا يكون متوفراً، لكن ما دام لديك الإمكانية بأن تصل إليه، تبقى مدمناً عليه.
وعن أعراضه، يحكي حسام: "منذ النفس الثاني تقل الرؤية وتصبح مزدوجة، وينعدم التركيز تقريباً، وإذا كانت المادة قوية، تدخل بما يشبه الحلم، ويصبح لديك رغبة ملحة بعمل أي شيئ. شيء لا تستطيع تحديده، لكنه سؤال في داخلك يطاردك بعنف، والسؤال يزيد كلما مر الوقت، حتى يخطر على بالك أحد أصدقائك الذين لا يتعاطون الحشيش فتتسأل متى سيأتي، ويعود ذلك إلى بحثك عن أي شيء تطمئن إليه، فتكون في حالة انتظار لأي شخص يحادثك لتشعر معه بالأمان".
ويقول حسام، بحسب تجربته: "بعض الأشخاص يعانون من هلوسات سمعية وبصرية، وقد ينتابهم شعور بالموت. ومن المستحيل أن تنجز أي شيء ما دمت تحت تأثير الإستروكس، مثل القيادة أو التحدث في الهاتف. تأثيره يستمر نحو 45 دقيقة، وفي اليوم التالي لتناوله، تستيقظ من النوم في حالة مزاجية سيئة يصاحبها صداع".
يروي هشام تجربته الأولى مع الإستروكس ويقول: "عندما تناولته دارت الدنيا بي، ولم أعرف كيف أتوقف. تخيلت أموراً كتير، وشعرت بأنني مت وكان والدي يغسلني، وكان معي سيجارة حشيش في جيبي خفت جداً أن يكتشفها".
أما خالد، الذي قرأ كثيراً عن هذا المخدر بسبب إصابته بحالة مرعبة إثر تناوله المخدر، فيقول: "هذا المخدر يجعل الجسم يفرز مادة تشبه التي يفرزها أثناء الموت".
ويضيف: "يلعب الإستروكس على الجهاز العصبي لجسم الإنسان، ومع تكرار تناوله يتسبب في حالات اكتئاب شديدة، وخوف يجعلني دائماً أبحث عن أي شيء يوفر لي الأمان خلال تناوله مع مجموعة من الأصدقاء".
يتذكر خالد أنه ذات مرة، بعد تناوله بضعة أنفاس من سيجارة كانت المادة الفعالة فيها قوية، انتابه ارتياب وتوجس تجاه كل من يقفون معه، وراح يبتعد ويجري بعيداً عنهم. وحين حاول أصدقاؤه الاقتراب منه شعر بالخوف أكثر، بعدما توهّم أنه لا يعرفهم وأنهم يطاردونه بقصد إيذائه.
ويقول م.ع، أحد الديلرز الذين يبيعون الإستروكس: "عندما تم تصنيع هذا المخدر كان الغرض منه أن يعادل تأثيره تأثير نبتة القنب الهندي والماريجوانا والبانجو والحشيش، ولكن بطريقة كيميائية خالية من مواد طبيعية".
وتدخل المادة الفعالة للإستروكس مصر عن طريق المعطرات العشبية Herbal essences، في صورة سائل يتم تحويله لرذاذ (سبراي)، يجري رشه على تبغ أو أي مادة عشبية كالبردقوش أو المريمية. وأبرز مناطق بيعه في القاهرة، وسهل حمزة في الهرم، وشارع نوال في منطقة العجوزة، ومصر الجديدة، ومدينة نصر، وشارع نادي الصيد في المهندسين، وشارع الوحدة في حي أمبابة، وشارع زنين في منطقة بولاق الدكرور".
أضرار تفوق أضرار البانجو أو الحشيش
تقول أخصائية الطب نفسي وعلاج الإدمان الدكتورة ياسمين عبدالله، أن المخدر بدأ انتشاره في مصر منذ نحو عام ونصف العام، مؤكدةً أنها تعاملت مع عدة حالات كانت تتعاطى مخدر الإستروكس. وأضافت ، أن أعراض تأثيره تشبه أعراض الحشيش، أي اضطراب في المزاج والنوم، وأحياناً يتسبب بآلام في الجسد ورغبة شديدة في التعاطي مرة أخرى.
وقال طبيب متخصص فى علاج الإدمان في أحد المستشفيات المصرية الكبرى، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أنه ليس هنالك إحصاءات دقيقة عن عدد مدمني مخدر الإستروكس في مصر، لكنّه أكّد أن العدد يتزايد باضطراد من خلال ملاحظته لعدد الحالات التي تدخل المستشفى.
وأضاف : "نحن أمام مخدر يستطيع أن يتسبب فى محو أجزاء من الذاكرة كما شاهدت مع بعض الحالات"، لافتاً إلى أن أضرار البانجو أو الحشيش لا تتعدى 10% من أضرار الإستروكس، بسبب المركّب الكيميائي الذي يحتويه.
ينتشر هذه المخدر بين الأعمار الصغيرة من 16 إلى 28 عاماً، ولا يظهر في التحاليل التي تجريها الشرطة حالياً، لذا يقبل عليه العديد من الشباب الذين يخضعون لتحليل دوري للدم في عملهم.
وعن ذلك، شرح أخصائي التحاليل الذي يعمل في "معمل المختبر" مصطفى علي أنه "بعدما نأخذ عيّنة من الدم لإجراء تحليل كشف المواد المخدرة، نضع عليها مركّباً فيه نسب كيميائية مسؤولة عن إظهار كل أنواع المخدرات المدرجة رسمياً فى مصر".
ولذلك، "إذا كان هنالك مخدرات جديدة مثل الإستروكس من الوارد طبعاً عدم ظهورها في التحليل، فلكي تظهر، يجب تحليل عيّنة من هذا المخدر ومعرفة المادة الفعاله فيه وإدراجها رسمياً من قبل الدولة كمادة مخدرة لكي تضيفها معامل التحاليل بدورها على العيّنة"، أضاف.
إعفاء قانوني
وعن طريقة تعاطي القانون المصري مع المخدرات الجديدة كالإستروكس، قال المحامي عمرو السني إنه وفقاً للمادة الثانية من القانون المصري رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989، يحظر على أي شخص أن يجلب أو يصدر أو ينتج أو يملك أو يبيع أو يشتري مواد مخدرة أو يتبادلها.
وتابع أن المواد المكونة للإستروكس غير مدرجة في الجدول الملحق بهذا القنون والذي يعدّه مجلس الوزراء، ما يجعلها خارج نطاق التجريم القانوني وبالتالي لا يعاقب القانون على تداولها أو تعاطيها.
قبل سنتين، صدر القرار الوزاري رقم 691 لسنة 2014 الخاص بإضافة بعض المواد ذات التأثير على الحالة النفسية والمعروفة إعلامياً بالفودو والسبايسي إلى القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بقانون المخدرات، وبالتالي، تم تجريم الإتجار بهذه المواد.