يختفي الكثير من الناس و لا يعودون أبداً , يبحث عنهم أقرباؤهم بلا جدوى حتى يفقدون الأمل ثم يصبحون في عداد المفقودين, و هؤلاء يعتبرون في عُرف السلطات أشخاص مفقودين إما لأنهم هربوا و لا يرغبون لأحد أن يعرف عنهم شيئاً أو انه تم اختطافهم وقتلهم.
هل يمكن لجسم بشري مادي أن يختفي في الفراغ هكذا, بحيث يختفي الرجل من الوجود و كأنه تبخر في الهواء أو تحلل, لو صعب على العقل تفسير هذه الأحداث علمياً, فهناك دائما التفسير الخرافي الذي يفسر الأحداث المستحيلة بوجود كائنات أخرى تلعب دوراً في الكثير من الأحداث. و في الحقيقة اختفاء الأشخاص بهذه الطريقة لا يقتصر حدوثه في المجتمعات الغربية و ربما أن الكثيرون يعرفون احد ما وقعت له مثل هذه الحوادث.
أين اختفى الجندي ؟
كانت الحافلة التي تقل الجندي المتقاعد تيتفورد تتجه إلى بينيغتون, بعد أن أنهى زيارته لبعض معارفه في سانت البانز في فيرمونت و استقل الحافلة ليعود إلى سكن الجنود المتقاعدين الذي يعيش فيه. كان ذلك في ديسمبر 1949. امتلأت الحافلة بالركاب فأخذ تتيفورد مقعده و وضع حقيبته و حاجياته و غط في نوم عميق. عندما وصلت الحافلة إلى بينينغتون لم ينزل الجندي المتقاعد و ظنوا انه نائم و لم ينتبه لوصل الحافلة و لكن عندما أراد الركاب إيقاظه وجدوا مقعده فارغاً بينما كل حاجياته و حقيبته مازالت في مكانها و جدول الرحلات الذي كان بيده مُلقى على مقعده الفارغ. اقر ركاب الحافلة البالغ عددهم أربعة عشر راكبا انهم رأوه نائما في مقعده و لم يتحرك منه ابداً, و لا يعلم أحدا كيف اختفى, و لم يظهر بعدها لا في مقر سكنه و لا في أي مكان آخر.
***
أوين بارتفيت كان بحاراً طائشاً في شبابه يجوب انجلترا من شمالها لجنوبها و من شرقها لغربها بحثاً عن المغامرات اشتهر بكونه لصا ارتكب العديد من جرائم السرقة و النصب و الاحتيال. تعرض لجلطة حادة و هو في الستين من عمره أُصيب بعدها بشلل كامل أقعده على كرسي مدولب. ذهب للعيش مع اخته التي تكبره في شبتون ماليت لأنه اصبح عاجزاً عن رعاية نفسه. كانت اخته تدفعه في كرسيه عند كل غروب شمس ليجلس في الشرفة مستمتعا بحلول المساء و هو ينظر للمزارعين في حقولهم, لأن تلك كانت الفسحة الوحيدة الممكنة له بعد سنين الشباب التي أمضاها مغامرا كالسندباد.
وفي احد أيام عام 1763 وضعته اخته في الشرفة قبيل غروب الشمس و ذهبت للداخل لتنهي اعمال المنزل, جلس هناك على كرسيه واضعاً لحافاُ على رجليه و معطفه المطوي في حجره يراقب المزارعين و هم يختمون اعمال اليوم في مزارعهم قبالته. عند السابعة مساءً خرجت اخته مع احدى جاراتها من اجل مساعدتها في ادخاله للمنزل لأن هناك عاصفة قادمة بعد قليل, و لكنها عندما خرجت الى الشرفة لم تجد الا معطفه على كرسيه المدولب.لم يكن أوين قادراً أبداً على الحركة فتوقعت اخته ان يكون احد الجيران ساعده واخذه الى مكان ما لكنها عندما سألتهم انكروا كلهم ان يكونوا ساعدوه على الذهاب الى أي مكان , عند هذا اجتمع الجيران و ذهبوا ليبحثوا عنه لكن لم يجدوا له أثر. و أكد جميع المزارعين الذين كانوا في حقولهم اثناء اختفائه انه لم يتحرك من مكانه و لم يروا احداً بالقرب منه. لم يظهر أوين أبداً بعد ذلك, و لم يعرف احد كيف اختفى من مكانه. بعد عدة سنوات تم العثور على جمجمة مدفونة فتوقع السكان ان تكون جمجمته لكن التحقيق اكد انها جمجمة انثى, و يقول السكان المحليون ان أوين وقع في شر أعماله و أن شياطين ماضيه السيئ اختطفته لتعاقبه.
***
كان جاكسون رايت يسافر مع زوجته مارثا من نيوجيرزي قادما إلى نيويورك مما اضطرهما إلى العبور من خلال نفق لينكولن الذي يمر من تحت نهر الهادسون. عند آخر الناحية الأخرى من النفق أوقف جاكسون السيارة و نزل منها ليقوم بتنظيف الزجاج الأمامي من البخار الذي تكاثف عليها حتى يتمكن من الرؤية, و خرجت زوجته هي الأخرى لتنظف زجاج السيارة الخلفي, استغرق جاكسون لحظات قصيرة جدا و عندما فرغ نظر إلى خلف السيارة لكن زوجته لم تكن هناك, اختفت فجأة خلال لحظات و لم يكن هناك مكان تختبئ فيه, و سيتمكن زوجها من رؤيتها لو أنها كانت تمشي عبر النفق الذي هو عبارة عن معبر طولي يمتد لمسافة كيلوين ونصف وبالتالي ستسهل مشاهدتها, لكنها لم تكن في النفق. ابلغ زوجها الشرطة التي حققت في اختفاؤها لكنها لم تتمكن من إيجادها. اختفت ببساطة و لم تظهر مارثا بعد ذلك.
***
حوادث الاختفاء التالية أكثر وضوحاً من سابقاتها, تميزت بوجود شهود عيان ينظرون لحادثة الاختفاء أثناء وقوعها, و يشهدون على حالات يختفي فيها الأشخاص أمامهم و ينتقلون إلى العدم بشكل يصعب أو يستحيل تفسيره.
.....
ذهب ديفيد لانغ يتفقد حقول مزرعته التي يقيم فيها مع عائلته, وذلك في ظهيرة احد أيام سبتمبر من عام 1880 كانت زوجته تجلس في شرفة المنزل تنظر إليه و أطفاله يلعبون في حديقة المنزل الأمامية المطلة على الحقل الذي لا يبعد إلا بضعة أمتار عن المنزل, و كان اثنان من أصدقاءه في سيارتهما الصغيرة متجهين نحو المزرعة و هم يرونه أمامهما. أخذ ديفيد يمشي في الحقل و لم يكمل خطواته حتى اختفى فجأة أمام أنظار الجميع, بدأت زوجته بالصراخ و فجع الجميع من المشهد و ركضوا نحو البقعة التي تلاشى فيها و هم مصابون بالذهول مما حدث أمامهم للتو, فلم يجدوا ما يتسبب باختفائه بهذه الطريقة, لم يكن في المكان حفرة يمكن أن يكون قد وقع بها و لم يكن هناك شجراً أو أغصانا أو أي شيء قد يؤدي لتعثره. تم قرع الجرس في المزرعة لتنبيه الجيران و بدؤوا بالبحث في الحقل و لم يتركوا موطئ قدم إلا وبحثوا عنه فيه و ذهبوا للبقعة التي اختفى فيها و ضربوا على الأرض الصلبة لعلهم يكتشفون بها حفرة تكون هي السبب في سقوطه لكن كل جهودهم باءت بالفشل, و لم يظهر ديفيد لانغ بعد ذلك و لم يتم تقديم تفسير مناسب لاختفائه. وبعد مرور الوقت لم يعد العشب ينبت في بقعة الأرض التي اختفى فيها و ظهرت حولها دائرة قطرها 15 سم كانت جرداء لا نبات فيها, و يقول أولاده أنهم ظلوا يسمعون صوته الخافت في الحقل و كأنه محبوس في مكان ما لا يستطيع الخروج
***
كان جيمس وارسون احد سكان وارويكشاير, في انجلترا عائداً مع أصدقائه أبراهام و هميرسون من حانة قضوا ليلتهم يتناولون الشراب فيها, في الطريق بدأ وارسون ربما من التأثير الثمالة بالتفاخر بوقاحة أمام صاحبيه بمهاراته كعداء مسافات طويلة, أثار ذلك سخرية أبراهام و هميرسون فقررا معاً تحديه لكي يثبت لهما مهاراته وذلك بالعدو بدون توقف لمسافة 40 ميل من يمينجتون إلى كوفنتري في تلك الليلة.
لم يرد وارسون إحراج نفسه بعد تفاخره بغرور أمامهما فقبل التحدي على الفور, و اتفقوا جميعاً أن يظل ابراهام و هميرسون يتبعانه طوال الطريق ويراقبانه من العربة التي يجرها الخيل على مسافة قريبة خلفه
هكذا بدأ السباق, و اجتاز وارسون البضعة أميال الأولى مبتهجاً ويضحك راضياً عن نفسه و يجري محادثة حيوية مع صاحبيه في العربة خلفه. و بشكل غير متوقع زلت قدمه و تعثر, ثم وقع متجهاً إلى الأمام وهو يطلق صرخة مريعة وقبل أن يرتطم بالأرض أثناء وقوعه اختفى في الهواء أمام أنظار رفيقيه فخرجا مسرعين من العربة و بحثا عنه وهما مذهولان من الطريقة التي اختفى بها, وابلغا الشرطة و تم بعد ذلك تفتيش كامل المنطقة لكن من غير جدوى فلم يجدوا أي اثر لجارسون و لم يستطع احداً أن يفسر كيف اختفى بهذه الطريقة.
***
حجارة ستونهنج التي تعد أحد أسرار العالم التي اعتاد الناس أن تكون مفتوحة للجمهور للتخييم والاحتفالات الدينية, كان ذلك قبل أغسطس 1971، عندما أصبحت حجارة إنجلترا الواقفة موقعاً لحادثة اختفاء مخيفة.
نصب مجموعة من الهبيين خيامهم في منتصف دائرة حجارة ستونهنج ثم أشعلوا النار و تجمعوا يتسامرون حولها يدخنون الحشيشة و يعزفون الموسيقى على آلاتهم التي احضروها معهم و يغنون, كانوا مستمتعين بوقتهم غاية الاستمتاع بين تلك الأحجار الأثرية التي يزيد عمرها على الأربعة آلاف عام. عند الثانية صباحاً قاطعتهم عاصفة شديدة هبت على سهل سالزبيري حيث تنتصب الحجارة مصحوبة بصواعق مهيلة من البرق. ضربت الصواعق المنطقة و أصابت الأشجار و كذلك حجارة ستونهنج الواقفة. هناك على مسافة قريبة كان يقف مزارعُ وشرطي يشاهدان ما يحدث, قالا انه بعد ان ضرب البرق الحجارة الواقفة أضاءت بلون أزرق غريب جداً و كان كثيفاً جدا اضطرهما لتغطية أعينهما, و سمعا صراخ أصحاب المخيم في دائرة الحجارة و تأوههم. عندما انقشع الضوء فجأة ركض الرجلان إلى المخيم و في خلدهما أنهما سيجدان جرحى و مصابون بحروق أو ربما موتى, لكن عند وصولهما هناك لم يجدا إلا أوتاد الخيمة تحترق و نار المخيم مازالت تشتعل و لم يكن هناك اثر حتى لو كان صغيراً لمجموعة الهبيين! فقد اختفوا من دون أثر.
***
كان الزوجان الاسبانيين يجلسان في مطار برشلونة في انتظار رحلتهما التي قرراها من أجل قضاء إجازة لطيفة بعيداً عن الوطن, و كانت تجلس بجانبهما جليسة الأطفال التي تحمل ابنتهما الرضيعة. نهض الزوج لإنهاء بعض إجراءات السفر استغرقته فترة قصيرة و عندما عاد شعر بالصدمة لرؤيته زوجته تجلس لوحدها بينما لم تكن الجليسة هناك مع الطفلة. أصيبت الأم بحالة هلع و قاما بإبلاغ أمن المطار الذي أغلق البوابات بدوره و بحث الجميع عن الجليسة و الطفلة في كل مكان داخل المطار لكن لم يعثروا على اثر لهما, و بينما كانت الأم في تبحث عن ابنتها تقدمت نحوها من وسط الزحام سيدةً عجوز و نصحتها أن تصلي من أجل عودة أبنتها ثم اختفت بين الجموع التي كانت تبحث عن الطفلة. فجأة ظهرت الجليسة وهي تحمل الطفلة بين ذراعيها و تجلس بجانب الأم على الكرسي الذي كانت تجلس عليه قبل اختفاؤها. تم سؤالها أين ذهبت و إلى أين أخذت الطفلة فاستغربت سؤالهم و أخبرتهم أنها لم تذهب إلى أي مكان و أنها كانت تجلس على كرسيها طوال الوقت. عندما أرادوا حمل الطفلة وأخذها منها لم يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً فجسد الطفلة كان ملتصقاُ بالجليسة كأنه تم إلصاقه بمادة لاصقة, فأضطر والدها إلى جرها بالقوة حتى شعر بأنه شيء ما قد تمزق, و عندما حملها لاحظ أن يديها كانتا محمرتين
استقلت الأسرة الطائرة و استأنفت رحلتها المخططة لقضاء العطلة بصحبة الجليسة, التي دخلت في نوبة من الضحك الهستيري و اضطروا إلى احتجازها بعيداً عن الأسرة خلال الرحلة. لم يستطع الزوجان إكمال العطلة نظرا لحالة المربية المتردية فعادا على الفور. تم تنويمها في المستشفى و وضعها تحت التخدير المكثف, و قام لاحقا المنوم المغناطيسي السريري فرانسيسكو روفاتي بتنويمها مغناطيسياً في محاولة لكشف ما حدث لها حقا في المطار. قال أن المربية أثناء تنويمها أخبرته بأنها قد سمعت " صوت غير مريح لرجل" يستدعيها بينما كانت تجلس بجوار الأم في المطار. لكن عندما حاول روفاتي بذل جهود اكبر من أجل معرفة ما حدث بعد ذلك دخلت المربية في حالة هستيرية لا يمكن السيطرة عليها.
لاحظ روفاتي أن المربية بعد ان قام بتنويمها مغناطيسياً كان لديها حاجز قوي جدا حدث منذ اللحظة التي رأت فيها ضوءا أحمر على الأرض. وقرر أن الضغط على المربية أكثر من شأنه أن يهدد حياتها، لذلك لم يتم إجراء أية تحقيقات أخرى.